صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/318

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أصولها وأبلغوا الشك أشده وأقاموه مذهباً بين المذاهب . و إمامهم بيرون ( ٣٦٥ – ٢٧٥ ) المعروف بأنه صاحب مذهب اللاأدرية ، المنكر للعلم ولليقين . ولد في إيليس ، وتتلمذ لأحد الميغاريين وعرف أحد أتباع ديموقريطس ، ورافق و إياه حملة الإسكندر على الشرق ، فرأى ا ا م فقراء » الهنود وأعجب بما كانوا يبدون من عدم مبالاة بالحياة وثبات في . و بعد وفاة الإسكندر عاد إلى وطنه ، قضى فيه حياة هادئة بسيطة ، الآلام . وكان موضع إجلال مواطنيه ، عينوه كاهنا أعظم وأقاموا له تمثالا بعد موته . ح - لم بدون آراءه وإنما ذكرها تلاميذه . ويرجع ما بقى لنا من أقوالهم إلى ما يأتي : كل قضية فهي تحتمل قولين و يمكن إيجابها وسلبها بقوة متعادلة . فالحكمة في العدول عن الإيجاب والسلب والامتناع عن الجدل والوقوف عند الظواهر . ( فإن الشك لا يتناول الظواهر وهي بيئة في النفس ولكنه يتناول الأشياء في أنفسها ، والشاك يقر أن الشيء الفلاني يبدو له أبيض ، وأن العسل يبدو الوقه حلوا ، وأن النار تحرق ؛ ولكنه يمتنع عن الحكم بأن الشيء أبيض وأن العسل حلو وأن من طبيعة النار أن تحرق ) . وعلى ذلك ليس هناك خير وشر بالذات ، وكل ما هنالك عرف واصطلاح يسير عليهما الناس ، الشيء الواحد تارة يكون خيرا وتارة شرا ، وكل شيء فهو زائل الخير والشر على السواء . فالناس يخطئون إذ يتوهمون سعادتهم وشقاءهم في الأشياء أنفسها و يعتمدون عليها كأنها باقية . أما إذا اقتنعوا أن الأشياء زائلة والأحوال متقلبة انتقى تصديقهم بها وأتعلم ميلهم إليها أو جزعهم منها ، ونعموا بالطمأنينة أي السعادة مهما تكن الظروف . – ويلوح أن أقواله كانت من هذا الطراز الأخير ، وأن الشك عندة كان خلقيا أكثر منه منطقيا ، وكان موجها لقيمة الأشياء بالإضافة إلى السعادة لا إلى قيمة المعرفة في ذاتها ، ولم يذكر عنه أنه اشتغل بالمنطق والعلم 14 t