صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/327

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

كلية ويتوقع المستقبل بناء عليها بالمادة دون أن يكون لهذا التوقع أساس في الحقيقة أو مبرر في عقله ؛ فيتعلم القراءة والكتابة دون التفات إلى فقه اللغة ، و يتعلم الكلام دون التعرض لعلم البيان ، ويستخدم العدد دون الخوض في علم الحساب ، و ينبئ بالمطر والصحو والزلازل بناء على الملاحظة الصرفة دون نظر إلى علم الفلك أو علم التنجيم ، و يطبب دون ادعاء معرفة ماهيات الأمراض وتعيين عللها . ک --- ومعنى هذا أن اليأس من البلوغ إلى العلم يرد الشاك إلى موقف الرجل الساذج مع هذا الفارق وهو أن الساذج لا يعني بالبحث عن تفسير الأشياء والشاك يعتقد أن ليس هناك تفسير يبحث عنه أو أن هذا التفسير ممتنع المنال . ولكن مهما يحرص الشكاك على تعليق الحكم فإن الحياة تضطرهم إلى قبول اليقين ، فإذا قبلوه إلى هذا الحد المتواضع الذي ذكرنا لم يعد هناك مانع من قبوله إلى حد أكبر ، بل إن فطرة العقل تدفعه إلى امتحان أسباب اليقين . أيا كان مقداره وتؤدي به إلى الأسباب الأولى التي هي أصول العلم . وما من حجة من حجج الشكاك إلا وهى مردودة ، ولم يكونوا ليغتروا بها لو أنهم نظروا نظراً جديا في تفنيد أفلاطون وأرسطو دعاوى السوفسطائيين والمينار بين ، ولكن الناس كما أنهم لا يتعظون بحوادث التاريخ أو ينسونها فكثيرا ما لا ينظرون في آراء من تقدمهم ، بحيث أن الفلسفة كالتاريخ تعيد نفسها . ولقد عاد الشك في العصر الحديث فأثر في فكر ديكارت ، وتغلب على فكر هيوم ، وأيقظ كنط من «سباته اليقيني» فحمله على اصطناع نوع من اليقين التجريبي ، وقدم لستوارت مل الأركان الأساسية لمنطقه الاستقرائي بما في ذلك نقده للقياس وتلمسه أساساً للاستقراء . ( ۲۱ - ظفة)