صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/329

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

باليونانية وشرحها بهذه اللغة . وغرضه أن يبين لليونان أن في التوراة فلسـفة أقدم وأسمى من فلسفتهم . وكان يهود الإسكندرية يشرحونها شرحاً رمزيا كما كان اليونان قد ألفوا أن يشرحوا هوميروس منذ زمن طويل ، فكانوا يصورون التوراة بالإجمال كانها قصة النفس مع الله ، تدنو منه تعالى أو تبتعد عنه بمقدار ابتعادها عن الجسم أو دنوها منه . وكانوا يؤولون الفصل الأول من سفر التكوين مثلا بأن الله خلق عقلاً خالصاً ثم سلم على مثال هذا المقل عقلاً أقرب إلى الأرض ( آدم ) وأعطاء الحس ( حواء ) معونة ضرورية له ، فطلوع العقل الحس وانقاد للذة ( الحية ) وهكذا . لا - وقيلون يدمج في شرحه الفخم الآراء الفلسفية المعروفة في عصره مبعثرة من غير ترتيب ، ولا يعني بتلخيص آرائه وتحديد معانى ألفاظه ، بل أحياناً كثيرة عن الجمع بين آراء متنافرة ، بحيث يتعذر تصوير فكره . ويستخلص من هذا المزيج بضعة أفكار : الفكرة الأساسية هي فكرة إله مفارق للعالم ، خالق له ، معنى به ولكنه من البعد عن كل ما يدركه العقل بحيث لا نستطيع أن نعلم عنه شيئاً آخر . فكل ماورد في التوراة من تشبيه يجب أن يؤول بحسب هذا الاعتبار . وفكرة أخرى هي أن العناية ليست مباشرة ولكنها تتخذ وسطاء ، وكذلك لا تبلغ النفس إلى الله إلا بوسطاء . والوسيط الأول هو « اللوغوس ، أو الكلمة ابن الله نموذج العالم ، ويليه الحكمة فرجل الله . أو آدم الأول فالملائكة فنفس الله وأخيراً « القوات » وهي كثيرة ملائكة وجن نارية أو هوائية تنفذ الأوامر الآلهية ، وتطهير النفس بالزهد وعلى الأخص بالعبادة الباطنة يصعد بها من وسيط إلى وسيط حتى الوسيط الأعظم أي كلمة الله . ويبدأ التطهير والصعود والعودة إلى الله حين يعلم الإنسان بطلان المحسوسات وزوالها ( وفيلون يدلل عليه بحجج أنا سيداموس ) . وغاية النفس البلوغ إلى الله بالذات