صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/33

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ٢٧ –

والرواقي، بل البوذي، وحتى هيرودوت، وقد عاش في الأوساط الفيثاغورية في إيطاليا الجنوبية وصقلية بعد وفاة فيثاغورس بنصف قرن فإنه يخلط في كلامه عنه وعن جمعيته؛ ذلك أن مخيلة الأتباع والأنصار كانت قد تناولت فيثاغورس ونسجت حوله الأساطير فقالوا: إنه ابن أبولون أو هرمس ورووا عنه من الخوارق كل عجيب غريب، أما الجمعية فيروى عنها أشياء كثيرة: أشهرها أنها كانت تحرم أكل الحيوانات وبعض النبات، ويقال: إن هذا التحريم لم يكن مطلقًا، ويذكر أنها كانت سرية يتعارف أفرادها بإشارات خاصة، ويتعهدون بكتمان تعاليمها الديني منها والعلمي، وأنهم أعدموا واحدًا منهم غرقًا؛ لإفشائه سرًّا هندسيًّا وليس ما يمنع من التصديق بهذه السرية، لا سيما أن أرسطو نفسه، إذ يتحدث عن المذهب لا يميز بين ما كان لفيثاغورس فيه من نصيب وما كان لتلاميذه، بل يذكرهم جملة بقوله: «الذين يدعون بالفيثاغوريين» أو «المدرسة الإيطالية» مما يدل على أن الجمعية كانت وحدة توارت وراءها شخصيات أفرادها، حتى تسربت آراؤهم ومكتشفاتهم إلى الخارج فاندمجت في الثقافة اليونانية خالصة من كل شخصية.

١٣ – مذهبهم

أ – يذكر أن فيثاغورس هو الذي وضع لفظ «فلسفة»؛ إذ قال: «لست حكيمًا؛ فإن الحكمة لا تضاف لغير الآلهة، وما أنا إلا فيلسوف» أي محب للحكمة وقد كان رياضيًّا بارعًا، ولعل أهم آثاره في هذا الباب أنه برهن على أن قوة الأصوات تابعة لطول الموجات الصوتية، فبين أن الأنغام تقوم خصائصها بنسب عددية ويترجم عنها بالأرقام؛ فوضع الموسيقى علمًا بمعنى الكلمة بإدخال الحساب عليها، ولا شك أن دراسة الفيثاغوريين الأعداد والأشكال والحركات والأصوات وما بينها من تقابل عجيب، وما لها من قوانين ثابتة، صرفت عقولهم إلى ما في