صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/48

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٤٢–

الآخر في زمن هو نصف الزمن الذي يقضيه للوصول إلى نهاية الساكن؛ أي إن الانتقال من إحدى نقط المجموع الساكن إلى النقطة التي تليها يتم في آن هو ضعف الآن الذي يتم فيه الانتقال من إحدى نقط المجموع المتحرك إلى النقطة التي تليها، فتقطع الحركة نفس المسافة (من حيث إن طول المجاميع واحد) في زمن معين، وفي ضعف هذا الزمن فيكون نصف الزمن مساويًا لضعفه وهذا خلف، وإذن فالحركة وهم.

د – ولكن زينون يتجاهل أن كل واحد من المجموعين المتحركين يوفر بحركته نصف المسافة على الآخر، بينما المجموع الساكن يبقيها على حالها، وأن هذا هو سبب الفرق في الزمن، كما أنه يتجاهل أن المكان والزمان والحركة أشياء متصلة، وأنها مع قبولها للقسمة إلى ما لا نهاية ليست مقسمة بالفعل إلى أجزاء غير متناهية، نقول: إنه يتجاهل ولا نرميه بالجهل؛ لأنه لم يقصد إلى نقد المقدار المتصل — والمقدار عند بارمنيدس خاصية من خواص الوجود — بل إلى نقد المقدار المنفصل كما توهمه الفيثاغوريون، فجاءت حججه «لهوًا جديًّا» على حد تعبير أفلاطون،1 ولكنها جاءت أمرًا جديدًا في الفلسفة فإنه لم يستعمل الجدل عرضًا وطبعًا على ما يتفق لسليقة العقل، وإنما قصد إليه قصدًا، ووضعه في صيغة فنية فكان أول واضع لعلم الجدل، وكانت حججه داعية لتحليل معاني الامتداد، والزمان والمكان والعدد والحركة واللانهاية عند أفلاطون، وبالأخص عند أرسطو.

١٨ – مليسوس

أ – هو إيوني من ساموس كان أمير البحر على عمارتها في انتقاضها على أثينا فانتصر على عمارة بركليس سنة ٤٤٢؛ فكان يجمع بين العلم والعمل كمعظم فلاسفة


  1. في محاورة «بارمنيدس» ص١٣٧ (ب).