صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/54

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٤٨–

إنه يذكر حيواته الماضية ويعلم أنه في المرحلة الأخيرة يبلغ بعدها إلى مقامه القديم بعيدًا عن الشر والألم، وقد كان فيثاغورس قد قال مثل ذلك عن نفسه، ووسيلة النجاة والتطهير والزهد وتغليب العقل على الحواس، فإن الحواس كثرة وشقاق تخدعنا بأمور زائلة، والعقل وحدة ومحبة، والغاية القصوى العودة للمحبة والوحدة.

هـ – ولسنا ندري كيف تتفق هذه الغاية مع الدور (١٣–ج) ولا كيف تكون العناصر في وقت ما — مع تباينها تباينًا جوهريًّا — كرة متجانسة ثم تفصلها الكراهية مبادئ متباينة ثم تضمها المحبة في كرة متجانسة، ولسنا ندري ماهية المحبة والكراهية، أنتصورهما قوتين روحيتين فنسميهما الخير والشر، أم قوتين طبيعيتين فنسميهما التجاذب والتنافر؟ الفرض الأول يؤيده أن المحبة في رأي أنبادوقليس علة النظام والخير والجمال البادية في العالم، والكراهية علة الاضطراب والشر والقبح،1 والعلة التي من النوع الأول على الأقل عاقلة بالضرورة، ولكنه في تفسيره أصل الأحياء يصور المحبة تفعل فعلًا آليًّا، والأحياء تتألف اتفاقًا بحيث يترجح الفرض الثاني، ونحن على الحالين بإزاء مذهب ثنائي ناقص قلق ومنشأ هذا القلق تأثر أنبادوقليس بالمذاهب السابقة ومحاولته الملاءمة بينها؛ فقد عني بالعلم الطبيعي على طريقة الإيونيين ولم يؤثر مادة على أخرى بل جمع بين المواد الأربع، إلا أنه خطا خطوة إلى الأمام بفصله العلة عن المادة ووضعها مستقلة، وقد أخذ عن الفيثاغوريين التطهير والتناسخ والدور وفكرة أن الأشياء مركبات بمقادير معينة أي بنسب عددية، وتابع بارمنيدس في القول بالكرة الأصلية، وفي إنكار بعض التغير؛ وهو التغير الكيفي، فتصور حقائق


  1. أرسطو: ما بعد الطبيعة م١ ف٤ ص٩٨٥ س١–١٠.