صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/62

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
–٥٦–

تستبقيها في مداراتها فتعود إلى المركز، أما الأجسام الحية فقد أتتها الحياة بمشاركة العقل، والعقل نفس تصدر عنها نفوس.

د – ولسنا نناقش أنكساغورس فيما يثير مذهبه من إشكالات أهمها وضعه عددًا لا متناهيًا من الطبائع في الجسم المتناهي، ونقتصر على ملاحظة أنه في تفصيل التكوين يفسره تفسيرًا آليًّا مثل من تقدمه من الطبيعيين1 حتى إنه يعلل رقي الحيوان على النبات بأنه طليق غير مرتبط بالأرض، ورقي الإنسان على الحيوان بأن له يدين وأن اليد خير الآلات ونموذجها دون أن يضيف أي أثر للعقل الذي قال به علة محركة منظمة بحيث يمكن وصف مذهبه بأنه «آلية كيفية»، الحق أنه لم يفطن لخصب هذه الفكرة ولم يوفق لاستغلالها، ولكنها فكرة جليلة كافية لأن تجعل له مكانًا خاصًّا في هذا الدور من الفلسفة قال بها «فبدا كأنه الوحيد الذي احتفظ برشده بإزاء هذيان سلفائه»2 واهتزت لها نفس أفلاطون وانبعثت إلى تفكير بعيد المدى،3 وإذا أضفنا إليها تصور الوجود طبائع وماهيات؛ أي أشياء عقلية ومعقولة، عددنا أنكساغورس طليعة الحركة السقراطية والفلسفة الروحية.


  1. أفلاطون: فيدون ص٩٨-٩٩، أرسطو: ما بعد الطبيعة م١ ف٤ ص٩٨٥ ع ا س١٨–٢٢. وانظر فيما بعد عدد ٣٤–١.
  2. أرسطو: ما بعد الطبيعة م١ ف٣ ص٩٨٤ ع ب س١٥–٢٠.
  3. فيدون: ص٩٧ وما بعدها.