صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/83

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
–٧٧–

هو هناك مع بذكره دنيسوس ملك سراقوصة، وكان مثقفاً ينظم القصائد والقصص التمثيلية فاستقدمه إليه، فعبر أفلاطون البحر إلى صقلية ودخل سراقوصة، فقابله الملك بالحفاوة ولكنه لم يلبث أن غضب عليه، فإن أفلاطون استمال ديون صهر الملك، ولم يكن هذا يطمئن إليه بل لم يكن يطمئن إلى أحد، وقد يكون الفيلسوف أفصح عن بعض آرائه الإصلاحية، وأنكر الفساد المنفشى في البلاط فأمر به الملك فاعتقل ووضع في سفينة اسبرطية أقلع ربانها إلى جزيرة أجينا، وكانت حينذاك حليفة لإسبرطة ضد أثينا، فعرض في سوق الرقيق فافتداه رجل من قورينا كان قد عرفه في تلك المدينة.

جـ – ورجع إلى أثينا وأنشأ سنة ۳٨٧ مدرسة على أبواب المدينة في أبنية تطل على بستان أكاديموس فسميت لذلك بالأكاديمية. أنشأها جمعية دينية علمية وكرمها الآلهات الشعر وأقام فيها معبداً، ونزل لما عن الأبنية ومحتوياتها. وظل يعلم فيها ويكتب أربعين سنة ماخلا فترتين قصيرتين سافر فيهما إلى سراقوصة الواحدة سنة ٣٦٧ والأخرى سنة ٣٦١ كان حظه فيهما مع دنيسوس الثاني مثل حظه مع أبيه المتوفى. ولم تصلنا أخبار مفصلة عن الأكاديمية، ولكنا تعلم أن مستمعيه كانوا خليطاً من الأثينيين، ويونان الجزر، وتراقية وآسيا الصغرى، بينهم بضع نساء. وتستطيع أن تقول إن الحركة العلمية كانت شديدة، وأن دروس المعلم كان يتخللها ويعقبها مناقشات في جلسات متوالية تتعارض فيها الآراء وتمحص على النحو الذي نشاهده في المحاورات المكتوبة. وكان التعليم يتناول جميع فروع المعرفة، وكان إلى جانب أفلاطون وتحت رياسته عدد من العلماء كل منهم مختص بمادة، يشرحون الرياضيات والفلك والموسيقى والبيان والجدل والأخلاق والسياسة والجغرافيا والتاريخ والطب والتنجيم، فكانت المدرسة جامعة وعت تراث اليونان العقلي من هو ميروس إلى سقراط . وتوفى