صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/92

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۸۹ سسی مثلا رؤية ألفاظها أو سماعها ، بل إن الإحساس ينبه قوة في النفس لولاها ما كان فهم أبدا . ومع اشتراك العالم والجاهل في الإحساس فإن العالم وحده يتوقع المستقبل بعلمه ويؤيد المستقبل" توقعه ، مما يدل على وجود قوة تعلم وقوانين ثابتة للأشياء . وهذه القوة تضاهي الإحساسات بعضها ببعض وتصدر عليها أحكاماً مغايرة للحس بالمرة ، فتقول عن صوت وعن لون مثلا إن كلا منهما هو عين نفسه وغير الآخر و إن كلا منهما واحد ، وإنها اثنان ، و إنهما متباينان : جميع هذه العلاقات يحكم بها المركز المركب . والمضاهاة وإدراك العلاقة فعلان متمايزان من الإحساس ، فليس العلم الإحساس ولكنه حكم النفس على الإحـاس ، وبهذا الحكم يمتاز الإنسان على الحيوان الأعجم مع اشتراكهما بالإحساس(۱) . - ولكن الحكم يختلف باختلاف موضوعه ، فإذا كان الموضوع المحسوسات المتغيرة من حيث هي كذلك كان الحكم « ظنا ، أي معرفة غير مربوطة بالعلة فلا يعلم للغير لأن التعليم تبيان الأمور بللها ، ولا يبقى ثابتاً بل يتغير بتغير موضوعه في عوارضه وعلاقاته : انظر إلى الطب والحرب والفنون الجميلة والآلية والسياسة العملية والعلوم الطبيعية تجدها جميعاً متغيرة نسبية لتعلقها بالمادة لا تتناولها المعرفة إلا في حالات وظروف مختلفة . فليس الظن العلم الذي تتوق إليه النفس إذ أنه قد يكون صادقاً وقد يكون كاذبا والعلم صادق بالضرورة . والظن الصادق متمايز من العلم لتمايز موضوعهما ، فإن موضوع الظن الوجود المتغير وموضوع العلم الماهية الدائمة . ثم إن العلم قائم على البرهان ، والظن تخمين والظن الصادق نفحة إلهية أو إلهام لا اكتساب عقلى ، والظن بالإجمال قلق في f النفس يدفعها إلى طلب العلم) (۱) تینیاتوی ص ۱۰۲ و ١٦٠ – ١٦٥ و ١٨٤ - ١٨٦ . (۲) مینون با كلها وبالأخص ص ۹۷ و ۹۸ ، تقیانوس ١٨۷ وما بعدها . الجمهورية نهاية المقالة الخامسة . تیلوس ص ۰۱ .