صفحة:تاريخ الفلسفة اليونانية (1936) يوسف كرم.pdf/93

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

-AY

  • --- وترق النفس درجة أخرى بدراسة الحساب والهندسة والفلك

والموسيقى ، فإن هذه العلوم ولو أنها تبدأ من المحسوسات وتستعين بها إلا أن لها موضوعات متمايزة من المحسوسات ومناهج خاصة : فليس الحساب عد الجزئيات كما يفعل التاجر بل العلم الذي يفحص عن الأعداد أنفسها بصرف النظر عن المعدودات . وليست الهندسة الأرض بل النظر في الأشكال أنفسها . و يمتاز الفناك من رصد السماء بأنه يفسر الظواهر السماوية بحركات دائرية راتبة بينها الملاحظة البحثة لا تقع إلا على حركات غير منتظمة . ويفترق العالم الذي يكشف النسب العددية التي تقوم بها الألمان عن الموسيقي الذي يضبط النغم بالتجربة . فهـذه العلوم تضع أمام الفكر صوراً كلية ونسباً وقوانين تتكرر في الجزئيات ، لذلك يستخدم الفكر الصور المحسوسة في هذه الدرجة من المعرفة ، لكن لا كموضوع بل كواسطة لتنبيه المعاني الكلية المقابلة لها والتي هي موضوعه ، ثم يستغنى عن كل صورة حسية ويتأمل المعانى خالصة . وهو يستغنى عن التجربة كذلك في استدلاله ، و يستخدم المنهج الفرضي الذي يضع المقدمات وضعاً ويستخرج النتائج : مثال ذلك قد تعرض مسألة المهندس أو الفلكي فيقول في نفسه : « أفرض أن حلها بالإيجاب وأنظر ما يلزم من نتائج » أو « أفرض أن حلها بالسلب وأنظر ما يخرج لى ، فإذا وجد أن نتيجة كاذبة تلزم من فرض ما انتقل إلى نقيض هذا الفرض وأخذ به ، ولكن يلاحظ على هذا المنهج أمران : الأول أنه قد يبين كذب فرض ما ، ولا يبين صدق الفرض الذي يقف عنـده إذ قد تخرج نتائج صادقة من مقدمات كاذبة . والثاني أنه يرغم العقل على (۱) و كان غرض الفلكين بيان ما يظهر القراميد من الحركات السيلوية بأشكال هندسية بحيث يمكنهم حساب تلك الحركات وإن كانت تلك الأشكال غير مطابقة لحقيقة الأمور » تلينو : علم الفلك تاريخه عنـد العرب ص ۲۳ - ۰۴۱, انظر أيضا : P, Duhen : Le systeime du monde, 1, p, 103