جدرانه ورمت المنبر وبلغت الى رؤوس العمد ثم اندفعت على البساتين
فاتافت شيئا كثيرا ، ولم يزل المكان الذي انت منه المياه يدعى" وادي
السيل» الى الان ، وقد نشر المرحوم ابرهيم سركيس مقالة في مجلة الجنان
عن السيول ذكر فيها حديث شاهد عيان عن سيل بعلبك فقال :
« في سنة ٧١٧ هجرية دخل السيل العظيم الى مدينة بعلبك وكان
ميولا لم يعهد مثله حتى ان الماء دخل الجامع ووجدوا فيه الشيخ علي بن
الحريري غريقا ومعه جماعة . ثم توجه من دمشق الامير بدر الدين بن
معبد لروية الحال فقال :انه لما كان بين الظهر والعصر في السابع والعشرين
من شهر صفر سنة ٧١٧ ارسل الله سبحانه سحابة عظيمة ذات رعد و برق
ومطر غزير و برد فسألت منه الاودية في شرقي بعلبك المحروسة وحملت ما
مرت عليه من اشجار العنب وغيره وافترقت على البلد فرقتين فرقة على
الناحية الشرقية إلى جهة القبلة سالت حتى انتهت الى النهر واجتمعت بحيرة
عظيمة على السور حتى كادت تبلغ شرفاته ارتفاعا . وتزايدت عظمة وافزاء
فلطف الله وثبت السور وتصرفت مع جريان الماء ولم يحدث بحمد الله
تعالى كثير امر . والفرقة الثانية ركبت البلاد ما بين باب دمشق و باب
نحلة شرقي المدينة إلى جهة الشمال واجتمعت هناك على الدور وثقلت عليه
فحرقت منه ما مساحته بالطول اربعين ذراعاً مع انه محكم البنيان مشيد
الاركان وحصل لما يليه صدوع مع ان سمكه خمسة اذرع، وطغت المياه
فأخذت برجا ذرعه من كل جانب خمسة عشر ذراعاً حملته وهو على حاله
لم ينتقض حتى مر فسيحة عظيمة نحو خمسماية ذراع من الارض . واخذ
السيل في البلد الى جهة الغرب جاريا فما مر على شيء في طريقه الا
وجعله خاويا ولا شاخص البناء ولا غيره الا وجعك للارض مساونا .
فاخرب المساكن واذهب الاموال وغرق الرجال والحريم والاطفال . واتكل
الامهات والآباء . وأيم الازواج ويتم الابناء ، ثم لم يزل حتى دخل الجامع
صفحة:تاريخ بعلبك (1904).pdf/64
٦٣