صفحة:حاضر المصريين.pdf/197

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

١٩٦ الغناء والحماسة

ولاسيما الاندلسيين الذين اشتهرت سيف ايامهم الاغاني وموشحاتهم لا تزال خير شاهد على سبقهم في هذا المضمار 1 ومثل هذا يقال عن المصريين والمتأمل في اغاني تلك الايام يقدر أن يحكم في الحالة التي كانت عليها الامم الاسلامية في ذلك الزمن السالف فالحكيم يقول -- من ثمارهم تعرفونهم -- وهذه الموشحات التي كان يغنيها الاسلام تنطوي على احساسات رقيقة تأبي الذل والهوان . عدا أنها كانت صادرة عن افكار ثاقبة وقلوب امتلأت حكمة وكمالاً وتدل دلالة واضحة على ما وصلت اليه الامة من المجد والسؤدد فلما تطرق الفساد الى الامة والى معترفي صناعة الغناء لانغماسهم في المسكر الذي لا يبقي على العقل والادراك . انتقلت بذلك الاغاني الى دور الانحطاط لاسيما وقد أفسد الافرنج بها ذوقنا وسهلوا علينا طرق المقاسد لمآرب يرمون اليها فأخذت الاغاني في التأخر والسقوط الى ان وصلنا الى عصرنا الحاضر الذي اصبح المغني فيه متزوجا بنائحة ليأخذ كلٌّ منهما بقسم من الحزن والفرح حتى اذا كان هناك فرح دعوه وإن كان حزن دعوها ، ولا ينكر ان المصريين يميلون إلى الغناء والطرب وقد كاد الطرب يعم جميع افراد الامة وجميع طبقاتها واصبح المرء يرى الرائح والغادي ذاهبا الى مكان المغني. فالغني عاكف على سماعه بما في وسعه . أما في بيته او في بيوت صحبه والوسط كذلك يسعى مااستطاع لسماعها والفقير والبياع المتنقل الذي يطوف في الشوارع والحواري ينادون بنغم حتى الفعلة وهم تحت الاثقال لا يحلو لهم العمل ولا يخفف اثقالهم شيء مثل التلحين والانشاد

والمغني ليس بمنكر ولا مكروه اذ قد ورد عن النبي " صلى الله عليه وسلم “ سمع نسوة يغنين في وليمة عرس فلم ينكر ذلك عليهنّ

  1. ترى بعض موشحاتهم في مقدمة ابن خلدون