صفحة:حاضر المصريين.pdf/287

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٢٨٣
مآتم الفقراء

ينفرون منه كأنه لم يدفع لهم شيئا . وقد تدفعهم الجرأة والقحة في أكثر الاحيان الى ان يمسوا كرامة الميت بالشتيمة والقذف ، تلك حال " التربية عند وقوفهم على قور الاموات وهو الموقف الذي يجب ان يكون منزها عن كل خصام على حطام الدنيا ، وهي حال قد شاهدناها وعرضت لنا في هذه السنة ثلاث مرات وكثيرون غيرنا يشاهدون مثلها كل يوم بل كل ساعة ما دام " الموت طالب حثيث لا يفوته المقيم ولا لعجزه الهارب"

وفي الظن انه لو كان المقام مقام شكوى واذات الحالة للناس في دعاو واختصام الى البوليس والنيابات والمحاكم لاقتضى لنا عشرة امثال ما عندنا من رجال البوليس والمحاكم لفصل تلك القضايا والحكم فيها. ولكن المقام مقام احترام وفي الوجوه بقية حياة وخجل تحول دون شكوي ولي ميت رجلاً دفن له ميته . ولما كان الأمر على ما ذكر وكل يوم تشعر الامة باجمعها بهذا الالم ولاسيما الفقراء الذين يتجرعون أكثر من غيرهم غصص التقريع والتنغيص ويهانون على مسمع من نسائهم واولادهم واصدقائهم أن للامة باجمعها ان تطالب رجال الحكومة بالضرب على ايدي اولئك الطعام الاو باش ضربة تعلمهم قليلا من الادب وجزها صغيرا من مراعاة الانسانية ولها الحق بهذا الطلب ما دامت الحكومة هي المسؤولة عن راحة الشعب . وهي القادرة على كبح جماح كل معتد بعبث بأقدس شيء لدى الناس ويهين الكبير والصغير بلا موجب سوى قلة الادب والاستطالة على عباد الله ، وليس من وسيلة تصلح بيننا وبين من لا مفر لنا من وقوعنا في أيديهم يوما ما الا ان تجمع الحكومة رجال هذه الطائفة الباغية فتنتخب منهم اهل استقامة وادب وتسن لهم لائحة موافقة وتعين لهم رواتب شهرية يتقاضونها من خزينتها وتفرض في رسما يسد تلك الرواتب أو يزيد عليها وتأخذه من الأهالي