صفحة:حقوق النساء في الإسلام.pdf/7

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

‫حجاب النساء

سبق البحث في الحجاب بوجهٍ إجمالي في كتابٍ نشرتُه باللغة الفرنساوية من أربع سنين مضت ردًّا على الدوك داركور، وبيَّنتُ هناك أهم المزايا التي سمح لي المقام بذكرها. ولكن لم أتكلم فيما هو الحجاب، ولا في الحَدِّ الذي يجب أن يكون عليه. وهنا أقصد أن أتكلم في ذلك، فأقول: ربما يتوهم ناظر أنني أرى الآن رفع الحجاب بالمرة، ولكن الحقيقة غير ذلك؛ فإنني لا أزال أدافع عن الحجاب وأعتبره أصلًا من أصول الأدب التي يلزم التمسُّك بها، غير أني أطلب أن يكون منطبقًا على ما جاء في الشريعة الإسلامية. وهو على ما في تلك الشريعة يخالف ما تعارفه الناس عندنا؛ لِما عرض عليهم من حب المغالاة في الاحتياط والمبالغة فيما يظنونه عملًا بالأحكام، حتى تجاوزوا حدود الشريعة وأضرُّوا بمنافع الأمة.

‫والذي أراه في هذا الموضوع هو أن الغربيين قد غالَوْا في إباحة التكشُّف للنساء إلى درجة يصعُب معها أن تتصوَّن المرأة من التعرُّض لمثارات الشهوة، ولا ترضاه عاطفة الحياء.

‫وقد تغالينا نحن في طلب التحجُّب والتحرُّج من ظهور النساء لأعيُن الرجال حتى صَيَّرنا المرأة أداةً من الأدوات أو متاعًا من المقتنيات، وحرمناها من كل المزايا العقلية والأدبية التي أُعِدَّتْ لها بمقتضى الفطرة الإنسانية. وبين هذين الطرفين وسط سنُبيِّنه — هو الحجاب الشرعي — وهو الذي أدعو إليه. ‫ُ‬ ‫إني أَشعُر أن القارئ الذي سارَ معي إلى هذه النقطة وتبِعني فيما دعوتُ إليه من وجوب تربية النساء ربما يستجمع قواه لمقاومتي فيما أطلب من الرجوع بالحجاب إلى الحد الشرعي، ويستنجد جميع الأوهام التي خزَّنَتْها في ذهنه أجيال طويلة ليدافع بها عن العادة الراسخة الآن. ولكن مهما استجمع من قوة الدفاع عنها ومهما بذل من الجهد للمحافظة عليها فلا سبيل إلى أن تبقى زمنًا طويلًا.