صفحة:حقوق النساء في الإسلام.pdf/9

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
‫الفصل الأول‬‬

‫‫الجهة الدينية‬

لو أن للشريعة الإسلامية نصوصًا تقضي بالحجاب على ما هو معروف الآن عند بعض المسلمين لوجب عليَّ اجتناب البحث فيه، ولما كتبت حرفًا يخالف تلك النصوص مهما كانت مضرَّةً في ظاهر الأمر؛ لأن الأوامر الإلهية يجب الإذعان لها بدون بحث ولا مناقشة.

لكننا لم نَجِدْ نصًّا في الشريعة يُوجِب الحجاب على هذه الطريقة المعهودة، وإنما هي عادة عرضت عليهم من مخالطة بعض الأمم، فاستحسنوها وأخذوا بها وبالغوا فيها وألبسوها لباس الدين، والدين براء منها؛ ولذلك لا نرى مانعًا من البحث فيها، بل نرى من الواجب أن نلم بها، ونبيِّن حكم الشريعة في شأنها، وحاجة الناس إلى تغييرها. ‫َ‬ ‫جاء في الكتاب العزيز:﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ .

‫أباحت الشريعة في هذه الآية الكريمة للمرأة أن تُظهر بعض أعضاء من جسمها أمام الأجنبي عنها، غير أنها لم تُسَمِّ تلك المواضع. وقد قال العلماء إنها وكلت فهمها وتعيينها إلى ما كان معروفًا في العادة وقت الخطاب. واتفق الأئمة على أن الوجه والكفين ممَّا شمله الاستثناء في الآية، ووقع الخلاف بينهم في أعضاءٍ أخرى كالذراعين والقدمين، فقد جاء في حاشية ابن عابدين: «وعورة الحرة جميع بدنها حتى شعرها النازل في الأصح، خلا الوجه