صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/154

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
١٣٦
القوة العمياء
 

الخراب والشقاء

جرى كل ذلك والنفس الحزينة ناظرة من بعيد تتأَمل وتتأَلم. تتامل بمقدرة الانسان المحدودة تجاه القوى غير العاقلة، وتتالم مع المصابين الهاربين من النار والدمار · تتامل باعداءِ ابن آدم الكامنة له تحت اطباق الثرى وبين دقائق الاثير، وتتالم مع الوالدات النائحات والاطفال الجائعين · تتأمل بقساوة المادة واستصغارها الحياة العزيزة، وتتالم مع الذين رقدوا بالامس مستأمنين في منازلهم فاصبحوا اليوم واقفين عن بعدٍ يرثون المدينة الجميلة بغصات مؤلمة وعبرات مرَّة · تتامل بكيفية انقلاب الامل يأساً، والفرح حزناً، والراحة عذاباً، وتتالم مع قلوب ترتعد بين مخالب اليأْس والحزن والعذاب

كذا وقفت النفس بين التامل والتالم تنقاد تارةً الى الشك بعدالة النواميس الرابطة القوات بعضها دون الآخر،