صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/172

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٥٤
الحيوان الابكم
 

مظالم ابن آدم وقسوته والتجأت إلى رماد اكثر نعومة من قلبه واختبأت بين خرائب اقل وحشة من نفسهِ. اذهب عني، فما انت الا من سكان ارض ما برحت ناقصة الاحكام، خالية من العدل.. انا حيوان حقير، لكنني خدمت ابن آدم وكنت في منزله مخلصاً ووفياً، وفي رفقته متربصاً وجاسوساً. كنت شريكاً في احزانهِ، ومغبوطاً في افراحه، متذكراً ايام بعده، مترحباً عند مجيئه، وكنت اكتفي بفتات مائدته واسعد بعظم جرّده باضراسه. ولكن لما شختُ وهرمتُ وانشبت الامراض في جسمي اظافرها نبذني وابعدني عن داره وصيرني ملعبة لصبيان الازقة القساة، وهدفاً لنبال العلل، ومحطاً لرحال الاقذار. انا، يا ابن آدم، حيوان ضعيف، لكني وجدت نسبة كائنة بيني وبين الكثيرين من اخوانك البشر الذين، اذا ما ضعفت قواهم، قلَّ رزقهم وساءَ حالهم. انا مثل جنود يحاربون عن الوطن في