صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/184

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٦٦
يوم مولدي
 

وأشفق عليهم لأنهم عميان يقبلون أحناك الضواري الدامية ولا يبصرون، ويمتصون لهاث الأفاعي الخبيثة ولا يشعرون، ويحفرون قبورهم بأظافرهم ولا يعلمون، قد أحببت الحرية أكثر من كل شيء لأنني وجدتها فتاة قد أضناها الانفراد، وأنحلها الاعتزال، حتى صارت خيالًا شفافًا يمر بين المنازل، ويقف في منعطفات الشوارع، وينادي عابري الطريق، فلا يسمعون ولا يلتفتون

وفي الخمس والعشرين سنة قد أحببت السعادة مثل جميع البشر، فكنت أستيقظ كل يوم وأطلبها كما يطلبونها، لكنني لم أجدها قط في سبيلهم، ولا رأيت أثر أقدامها على الرمال المحيط بقصورهم، ولا سمعت صدى صوتها خارجًا من نوافذ هياكلهم، ولما انفردت بطلبها سمعت نفسي تهمس في أذني قائلة: «السعادة صبية تولد وتحيا في أعماق القلب، ولن تجيء إليه من محيطه.» ولما فتحت قلبي لكي