صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/186

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٦٨
يوم مولدي
 

خطوطًا وألوانًا متباينة متناسقة، في هذه الأوراق المنثورة، والرسوم المبعثرة، قد كفنت ودفنت عواطفي وأفكاري وأحلامي، مثلما يدفن الزَّرَّاعُ البذور في بطن الأرض، ولكن الزارع الذي يخرج إلى الحقل ويلقي البذور بين ثنايا التراب، يعود إلى بيته في المساء آملًا راجيًا منتظرًا أيام الحصاد والاستغلال، أما أنا فقد طرحت حبات قلبي بلا أمل، ولا رجاء، ولا انتظار

والآن وقد بلغت هذه المرحلة من العمر، فتراءى لي الماضي من وراء ضباب التنهيد والأسى، وبان لناظري المستقبل من وراء نقاب الماضي، أقف وأنظر إلى الوجود من خلال بلور نافذتي، وأرى وجوه الناس وأسمع أصواتهم متصاعدة إلى الفضاء، وأعي وقع أقدامهم بين المنازل، وأشعر بملامس أرواحهم وتموُّجات أميالهم ونبضات قلوبهم، أنظر فأرى الأطفال يلعبون و يتراكضون ويذرون