صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/187

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
يوم مولدي
١٦٩
 

التراب بعضهم في وجوه بعض ضاحكين مقهقهين، وأرى الفتيان يسيرون بعزم رافعين رءوسهم، كأنهم يقرأون قصيدة الشباب مكتوبة بين حواشي الغيوم المبطنة بأشعة الشمس، وأرى الصبايا يخطرن وينثنين كالأغصان، ويبتسمن كالأزهار، وينظرن إلى الفتيان من وراء جفون ترتعش بالميل والانعطاف، وأرى الشيوخ يمشون على مهل محدودبي الظهور، متوكئين على العصي، محدقين بالأرض، كأنهم يبحثون بين دقائق التراب عن جواهر أضاعوها، أقف بجانب نافذتي وأنظر متأملًا بجميع هذه الصور والأشباح الساكنة بمسيرها، المتطايرة بدبيبها في شوارع المدينة وأزقتها، ثم أنظر متأملًا بما وراء المدينة فأرى الْبَرِّيَّةَ بكل ما فيها من الجمال الرهيب، والسكينة المتكلمة، والتلول الباسقة، والأودية المنخفضة، والأشجار النامية، والأعشاب المتمايلة، والأزهار المعطرة، والأنهار المترنمة، والأطيار