صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/204

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٨٦
مناجاة ارواح
 

الطبيعة باسرها قامت مصلية. قد غادرت العجول مرابضها وتركت قطعان الغنم والماعز حظائرها وانثنت نحو الحقول ترتعي رؤُوس الاعشاب المتلمعة بقطر الندى ومشى امامها الرعاة ينفخون الشبابات ووراءها الصبايا المتأهلات مع العصافير بقدوم الصباح

- قد جاء الصباح يا حبيبتي وانبسطت فوق المنازل المكردسة اكف النهار الثقيلة، فازيحت الستائر عن النوافذ وانفتحت مصاريع الابواب، فبانت الوجوه الكالحة والعيون المعروكة، وذهب التعساء الى المعامل وداخل اجسادهم يقطن الموت في جوار الحياة، وعلى ملامحهم المنقبضة قد بان ظل القنوط والخوف، كأنهم منقادون قهراً الى عراك هائل مهلك. ها قد غصت الشوارع بالمسرعين الطامعين وامتلأ الفضاء من قلقلة الحديد ودوي الدواليب وعويل البخار واصبحت المدينة ساحة قتال يصرع فيها القوي الضعيف