صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/213

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
رجوع الحبيب
١٩٥
 

البطش والبأس والتجلد، وجه فارس قوي يتكلم بلا نطق عن شدة رجولته، وجه متأسف فارح، وجه من لاقى العدو عابسًا وقابل الموت مبتسمًا، وجه بطل لبناني حضر موقعة ذلك النهار ورأى طلائع الاستظهار، لكنه لم يبقَ لينشد مع رفقائه أهازيج النصر.

ولما أزاحوا كوفيته ومسحوا غبار المعمعة عن وجهه المصفر، ذعر الزعيم وصرخ متوجهًا: «هذا ابن الصعبي! فيا للخسارة!» فردد القوم هذا الاسم متأوِّهين، ثم سكتوا كأن قلوبهم السكرى بخمر النصر قد فاجأها الصحو، فرأت خسارة هذا البطل هي أجسم من مجد التغلب وعز الانتصار، ومثل تماثيل الرخام أوقفهم هول المشهد وأيبس ألسنتهم فسكتوا، وهذا كل ما يفعله الموت في نفوس الأبطال، فالبكاء والنحيب حَرِيَّانِ بالنساء، والعويل والصراخ خليقان بالأطفال، ولا يجمل برجال السيف غير السكوت المملوء هيبة ووقارًا، ذلك السكوت