صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/214

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٩٦
رجوع الحبيب
 

الذي يقبض على القلوب القوية مثلما تقبض مخالب النسر على عنق الفريسة، ذلك السكوت الذي يترفع عن الدموع والعويل، فيزيد بترفعه البلية هولًا وقساوة، ذلك السكوت الذي يهبط بالنفس الكبيرة من قمم الجبال إلى أعماق اللجج، ذلك السكوت الذي يعلن مجيء العاصفة، وإن لم تجئ كان هو أشد فعلًا منها.

خلعوا أثواب الفتى المصروع ليروا أين وضع الموت يده، فبانت كلوم الشفار في صدره كأنها أفواه مزبدة تتكلم في هدوء ذلك الليل عن همم الرجال، فاقترب الزعيم وجثا مستفحصًا فوجد دون سواه منديلًا مطرزًا بخيوط الذهب مربوطًا حول زنده، فتأمله سرًّا وعرف اليد التي غزلت حريره، والأصابع التي حاكت خيوطه، فستره بالأثواب وتراجع قليلًا إلى الوراء حاجبًا وجهه المنقبض بيده المرتعشة، تلك اليد التي كانت تزيح بعزمها رؤُوس