صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/34

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
۱٦
في مدينة الأموات
 

أُفكر – أُفكر في كيفية العراك المستمر والحركة الدائمة في هذه وفي السكينة السائدة والهدو المستقر في تلك . من الجهة الواحدة آمال وقنوط، ومحبة وبغضة ، وغنى وفقر ، واعتقاد وجحود ، ومن الأخرى تراب في تراب تقلب الطبيعة بطنه ظاهراً وتبدع منه نباتاً ثم حيواناً وكل ذلك يتم في سكينة الليل .

بينا انا مستسلم لعوامل هذه التأَملات استلفت ناظري جمع غفير يسير الهويناء تتقدمه الموسيقى وتملأ الجو الحاناً محزنة · موكبٌ جمع بين الفخامة والعظمة وآلف بين اشكال الناس . جنازة غني قوي . رفات ميت تتبعها الاحياء وهم يبكون ويولولون ويبثون بالهواء الصراخ والعويل .

بلغوا الجبانة فاجتمع الكهان يصلون ويبخرون وانفرد الموسيقيون ينفخون الابواق وبعد قليل انبرى الخطباء فأَبنوا الراحل بمنتقيات الكلام ثم الشعراء فرثوه بمنتخبات المعاني