صفحة:دمعة وابتسامة (1914) - جبران خليل جبران.pdf/64

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
٤٦
رؤيا
 

رموز الحياة، رأيت وليتني لم أَرَ، رأيت ملائكة السعادة تحارب أبالسة الشقاء، والإنسان بينهما في حيرة تميل بهِ نحو الآمال تارة والقنوط أخرى، رأيت الحب والبغض يلعبان بالقلب البشري، هذا يستر ذنوبه ويسكره بخمرة الاستسلام ويطلق لسانه بالمدح والإطراء، وذاك يهيج خصوماته ويعميهِ عن الحقيقة ويغلق سامعته عن القول الصحيح، رأيت المدينة جالسة كابنة الأزقة متشبثة بأذيال ابن آدم، ثم رأيت البَرِيَّةَ الجميلة واقفة عن بُعد تبكي من أجله.

رأيت الكهان يروغون كالثعالب، والمسحاء الكذبة يحتالون على ميول النفس، والإنسان يصرخ مستنجدًا بالحكمة وهي نافرة عنه غضبى عليه لأنه لم يسمعها عندما نادته في الشوارع على رؤوس الأشهاد.رأيت القسوس يكثرون رفع عيونهم إلى السماء وقلوبهم مطمورة في قبور المطامع، رأيت الفتيان يتحبَّبون بألسنتهم ويقتربون بامال