صفحة:ذو النورين عثمان بن عفان (المكتبة العصرية).pdf/28

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ولكنه في الأمر الثابت الذي لا جدال فيه قد بلغ الذروة من محاسبة النفس والتحرج من المساس بالحياة البشرية ولو في سبيل الذود عن حياته وحياة أقرب الناس إليه، فلما أيقن من القتل؛ أبى أن يبقى في داره من يقتل أحدًا ممن يحيطون بها ويعالجون اقتحامها لاغتياله، ولما سُئِل أن يتنحى عن الخلافة أبى أن يتنحى عنها، ولم يكن إباؤه ضنًّا بشيء يحتويه، فلا شيء أغلى من الحياة وقد هانت عليه، ولا يزعم أحد أنه غنم من الخلافة مالًا، بل يتفق المؤرخون على أنه ترك الدنيا وماله أقل مما كان لديه يوم ولي الخلافة، ولكنه أبى أن يخلع نفسه حذرًا من أن يحمل جريرة الخلع وما يعقبه من النزاع والقتال، وقد صرح بذلك غير مرة فقال: إنه يخشى على الذين يستطيلون أيامه أن يتمنوا بعده لو كان يومه مائة سنة، فلا يبوءن بالعاقبة المحذورة وهو مختار.

•••

فإذا تركنا الحوادث جانبًا ونظرنا إلى التاريخ في صدر الإسلام على أنه تاريخ قيم ومبادئ، فلنا أن نقول: إننا أمام فواجع مؤلمة يود الناظر إليها لو يزوي بصره عنها، وليس لنا أن نقول: إننا أمام صدمة يصطدم بها من يسأل عن أثر العقيدة وأطوارها، فلا صدمة هناك إذا نحن وزنا الحوادث بميزان القيم، وعلمنا أن التاريخ لن يخلو من الحوادث، وأن حوادث الخلاف ليست بأكبر الشرور التي تُبتلى بها ضمائر بني الإنسان.


۳۹

(۱) الذروة : القمة (۲) الذود : الدفاع ۰ (۳) أي يحاولون دخولها . (4) اباؤه : رفضيه . (5) امساكا أو تمسكا ۰ (1) الجريرة : الذنب والجناية. (۷) أي يرجع: (۸) أي يقبض