صفحة:روح الثورات والثورة الفرنسية (1934) - غوستاف لوبون.pdf/13

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أن والمعتقدات ، فبينت فيه كيف تنشأ المعتقدات وهل تكون عقلية إرادية ، كما عرفت ، أم تكون غير شعورية مستقلة عن كل عقل . يبقى إيضاح المعتقدات أمراً متعذراً إن عدت إرادية عقلية ، وقد تمكنت ، ، بعد أثبت أنها غير عقلية في الغالب وغير إرادية على الدوام ، من حل المعضلة العظيمة الآتية وهي : كيف يستصوب أرباب العقول النيرة في كل جيل معتقدات لا يسوغها العقل سيظهر حل المعضلات التاريخية التي بحثت فيها منذ سنوات كثيرة ظهوراً واضحاً بعد الآن ، فقـد توصلت الى نتيجة دالة على أنه يوجد بجانب المنطق العقلي الذي يربط الأفكار بعضها ببعض منطق الجماعات والمنطق الديني اللذان يستحوذان في الغالب على عقولنا ويسيراتنا . وبعد . أن حققت ذلك علمت أن إدراك كثير من الحوادث التاريخية يظل ممتنعا عند إيضاح هذه الحوادث بنور المنطق العقلي القليل التأثير في تكوينها . وقد اقتضى الوصول الى القواعد التي لخصناها هنا في بضع صفحات سعى سنين كثيرة ، وذلك بعد أن يئست من إتمامها و رجعت غير مرة الى الجد في المختبرات التي يثق الانسان بأنه يقرب فيها من الحقيقة و ينال شيئاً من العلم اليقين . إن سبر غور الرجال مفيد كالتنقيب في الحوادث المادية ، وهذا ما يجعلنى أرجع إلى علم النفس على الدوام . ولما ظهر لى أن بعض النتائج التي استنبطتها من مباحثى واسعة المدى نويت أن أعرضها على بعض الحوادث ، وهكذا تناولت درس روح الثورات ، ولا سيما الثورة الفرنسية . وكلما كنت أتوغل في تحليل هذه الثورة الكبرى كانت أكثر الآراء التي اقتبستها من الكتب وكنت أظنها متينة تنهار انهياراً متتابعاً . يحب لا يضاح هذا الدور أن لا يعد حادثاً واحداً كما فعل كثير من المؤرخين ، فهو مؤلف من حوادث مستقلة وقعت في آن واحد ، وقد نشأ عن كل واحدة منها أمور وقعت حسها تقتضيه سنن النفس ، و يظهر أن مثلى تلك الفاجعة الكبرى ساروا كممثلي الروايات التي وضعت سابقا فقال كل واحد منهم ما يجب أن يقوله وعمل ما يجب أن يعمله . لا شك في اختلاف أولئك الممثلين الثوريين عن ممثلى الرواية المكتوبة لكونهم لم