صفحة:روح الثورات والثورة الفرنسية (1934) - غوستاف لوبون.pdf/9

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
-۷-

وينشأ عن تلقى الثورة الفرنسية على هذا الوجه ظن الناس أنها سلسلة وقائع نشات عن عوامل خفية، وتدل الكلمات التي أوردناها على درجة الشكوك والريب التي تزيد البحث في الثورة المذكورة إبهامة و تسوغ حكمة العلماء الذين يقتصرون على نشر الوثائق .

إذا يرى المنتصف، الذي يود أن يكون ذا رأی صائب في الثورة . نفسه الآن إما إزاء عقائد عمياء، وإما إزاء مزاعم قائلة أن هذا الحادث العظيم يتعذر إيضاحه المعارف الحاضرة .

وقد لاح لى ، عندما شرعت في درس الثورة الفرنسية مستعينا بطريقتي في علم النفس ، أن شكوك المؤرخين في هذه الأزمة الكبيرة ناشيء عن شرحهم بالمعقول ماصدر عن روح التدين والعاطفة والجماعات من الحوادث.

وفي كل صفحة من صفحات تلك الثورة برهان على ذلك ، فنطق الجماعات، لاالمنطق العقلي ، هو الذي يكشف لنا سبب استحسان المجالس الثورية التدابير المخالفة لرأي كل عضو من أعضائها ، ولا يوضح لنا العقل لماذا تنزل نواب الأشراف في ليلة شهيرة عن امتیازات كانوا شديدى التمسك بها مع أنهم لو كانوا قد أقلعوا عنها في وقت آخر لاجتذب نشوب الثورة الفرنسية على مايحتمل، وكيف يمكننا أن ندرك علة كون الأذكياء المسالمين من أبناء الطبقة الوسطى ، الذين كانوا وهم في بعض اللجات يضعون المقياس المتری و يأمرون بانشاء المدارس الكبيرة، قد استصوبوأ أفعالا وحشية كقتل لافوازيه والشاعر شيني وهدم قبور سان دني الفخمة إذا لم نطلع على تقلبات الذات باختلاف الأحوال ؟ مم يف يمكننا ادراك السبب في انتشار الحركات الثورية إذا لم تكن عارفين سنن الأقاع الحقيقية التي تخالف ما تدل عليه الكتب من الطرق مخالفة تامة .

وقد تأصلت قواعد المنطق العقلي في فرنسة تأصلا جعل الناس لا يتصورون معه امکان وقوع حوادث التاريخ بعيدة من العقل مع أنه يجب علينا لتفهم ما يعجز المنطق العقلي عن إيضاحه من الحوادث أن تغير الطرق التي نوضح بها وقائع التاريخ . أرى الأفكار التي بنتها في هذا المؤلفستشیع سريعة ، وما نشر من المقالات الكثيرة يثبت لنا أنها أثرت في كثير من العلماء المدققين. جاء في جريدة الامس التي هي أهم مصحف انكلترة ما يأتي :

ويجب على رجال السياسة كلهم أن يطالعوا کتاب غوستاف لوبون الذي لم يبال فيه