صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/101

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

الدور الجليل الذى لعبوه فى العالم الإسلامى، ولكن أرجو أن يسمح لي أن ألاحظ أن الحرانيين كانوا عرباً ، وأن العرب لما احتلوا أسبانيا لم يفقدوا جنسيتهم بل ظلوا عرباً ، وأن اللغة العربية كانت إلى ما قبل الإسلام بعدة قرون لغة الحرانيين، وكونهم قد حافظوا على ديانتهم القديمة وهى ( الصابئة » ليس معناه أنهم لم ينتموا إلى الجنسية العربية ، وقد كانت أكثرية نصارى الشام عر با نتانيين اهتدوا بهدى النصرانية . أما ابن باجه ، وابن رشد ، وابن طفيل فلا يمكن القول بأنهم أقل عربية من الكندى بدعوى أنهم لم يولدوا في جزيرة العرب ، وخصوصاً إذا اعتبرنا أن لا سبيل إلى تمييز أمة عن أخرى إلا بلغتها . ثم ماذا يكون لو قصرنا نظرنا على الأصل الذي ينتمى إليه العظيم، ولم نأبه للنفوذ الذي سيطر عليه ، والتشجيع الذى لقيه من الأمة التي عاش فيها ؟ لو فعلنا ذلك لقلنا إن نابليون لا ينتمى إلى فرنسا، ولما صح لألمانيا أو إنجلترا أن تدعى كلتاهما الحق فى العلماء الذين استوطنوها بعد أن رحل أصولهم إليها من بلدان أخرى » . ، ثم تعرض لأسباب انطفاء هذه الشعلة ، وختم رده بقوله : « إن العقل لا يوافق الجماهير ، وتعاليمه لا يفقهها إلا نخبة من المتنورين ، والعلم - على ما به من جمال - لا يرضى الإنسانية كل الإرضاء ، وهي التي تتعطش إلى مثل أعلى، وتحب التحليق في الآفاق المظلمة السحيقة التى لا قبل للفلاسفة والعلماء برؤيتها أو ارتيادها ) . رد عليه الأستاذ رينان وبادله مدحاً بمدح ، وإعجاباً بإعجاب ، وقال : تعرفت بالشيخ جمال الدين من نحو شهرين فوقع في نفسى منه ما لم يقع لى إلا من القليلين ، وأثر فى تأثيراً قوياً ؛ وقد جرى بيننا حديث عقدت من أجله النية على أن تكون علاقة العلم بالإسلام هى موضوع محاضراتي في السربون ...