صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/102

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- والشيخ جمال الدين نفسه خير دليل يمكن أن نسوقه على تلك النظرية العظيمة التي طالما أعلناها ، وهى أن قيمة الأديان بقيمة من يعتنقها من الأجناس ، وقد خيل إلى من حرية فكره ، ونبالة شبيه ، وصراحته - وأنا أتحدث إليه - أني أرى أحد معارفي من القدماء وجها لوجه، وأنى أشهد ابن سينا ، أو ابن رشد، أو واحداً من أولئك الملحدين العظام الذين ظلوا خمسة قرون يعملون على تحرير الإنسانية من الإسار » . نم قال : « ولست أرى فى البحث النفيس الذي عالجه الشيخ إلا نقطة بصح أن مختلف فيها حقيقة ... فلسنا بالتأكيد ننكر ما لرومة على تاريخ الإنسانية من نفوذ ، ولا ما كان للعرب من نفوذ ، ولكن هذه التيارات الإنسانية العظيمة في حاجة إلى تحليل ؛ إذ ليس كل ما كتب باللاتينية يزين تاج شهرة رومة ، ولا كل ما كتب باليونانية من عمل اليونانيين ، ولا كل ما كتب بالعربية نتاج عربي ، ولا كل ما نشأ في بلد مسيحى من تأثير المسيحية ، ولا كل ما ظهر في البلدان الإسلامية من ثمار الإسلام ... لقد خالفى الشيخ غير منصف فى أنى لم أوف الكلام حقه ، ولم أقل في المسيحية ما قلته فى الإسلام ، وأن الإضطهاد بين المسيحيين لا يقل عما كان بين المسلمين ؛ وهذا قول حق ، فجاليليو لم يلق من الكاثوليك خيراً مما لقيه ابن رشد من المسلمين ... وإذا كنت لم أطل القول فى هذه الحقيقة فلأن آرائي في هذا الشأن معروفة لا حاجة بى إلى تكريرها على مسمع محفل حكم بكل أعمالى وآرائى . ولست أريد من المسيحى ترك عقيدته المسيحية ولا من المسلم ترك الإسلام ؛ ولكن أريد من المسيحيين والمسلمين المتنورين أن يهتموا بالعلم اهتماماً لا تعوقه العقيدة، وقد تم هذا في نصف البلدان المسيحية ونرجو أن يتم مثله في الإسلام . وإن يوماً يتم ذلك فيه لما أرحب به أنا والشيخ ونطرب له جميعاً »