صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/103

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

واستمر في تأييد رأيه الذي قاله فى المحاضرة ثم ختم مقاله بقوله : ( و يلوح لى أن الشيخ جمال الدين قد زوّدنى يطائفة من الآراء الهامة تعينني على نظريتي الأساسية ، وهى أن الإسلام فى النصف الأول من وجوده لم يحل دون استقرار الحركة العلمية في الأراضي الإسلامية ، ولكنه فى النصف الثاني خنق الحركة العلمية وهي في حظيرته ، فكان هذا من سوء حظه » وهذه النتيجة الأخيرة - من غير شك - فيها كثير من التعديل لآراء رينان السابقة ، وهى نؤدى حتما إلى أن مقاومة العلم ليست من طبيعة الإسلام ، ولو كانت من طبيعته ما شجع الحركة العلمية في أوله ولا آخره . و إلى هنا أسدل الستار على هذه الرواية التي سيعاد تمثيلها - على وجه أشد - بين مسيو هانوتو والشيخ محمد عبده. وما أقوى الردود ! ولكن أقوى منها رد المسلمين عليها بتبونهم مكانة عليا فى العلم والفلسفة .

وأما الحادثة الثانية سياسية ، ذلك أن بعض ساسة الإنجليز - وقد أحسوا حملة جريدة العروة الوثقى وتهييجها الرأى العام على إنجلترا - رأوا أن يتفاهموا مع القائمين عليها فبعثوا إلى السيد جمال الدين في ذلك ، فأرسل مندو به الشيخ محمد عبده وقال : « رأينا أن يذهب الشيخ محمد عبده ( المحرر الأول لهذه الجريدة ) إلى لندرة إجابة لدعوة من يُرجى منهم الخير لملينا ، ومن يؤمل فيهم حسن النية ) إشارة إلى مستر بلنت ) .... قابل محرر الجريدة كثيراً من رجال السياسة الإنجليزية وحادثهم محادثات طويلة في المسألة المصرية ، ومن هذه المحادثات ما نشر إذ ذاك في الجرائد الإنجليزية ، واكتفى السيد جمال الدين في العدد الرابع عشر من العروة الوثقى بذكر محادثات كانت بين الشيخ محمد عبده ووزير الحربية الإنجليزية لورد