صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/105

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

إلى الشعوب تحركها وتثير شعورها ، والحكومات المختلفة تبين لها أضرارها من احتلال الشرق ؛ وهكذا وهكذا . لم تتأثر بالدعوة وقتذاك الشعوب ولا الحكومات الأجنبية ولا المحلية ، وإنما تأثرت بها طبقة قليلة من المستنيرين فى الأقطار الشرقية المختلفة تأثراً كان نواة للحركات الوطنية بعد ، ولست أزعم أنها كانت النواة الوحيدة ، ولكن كانت النواة الأولى . على كل حال عطلت الجريدة وانفرط عقد القائمين بأسرها . فالشيخ محمد عبده و ميرزا باقر يعودان إلى بيروت، والسيد جمال الدين إلى فارس بناء على دعوة من الشاه ناصر الدين . تلقاه الشاه والعلماء والأمراء فى حفاوة ، ولكن سرعان ما دبت الغيرة فى نفس الشاه وأحس خطره فتنكر له ، فاستأذن السيد في الرحيل ورحل إلى سان بطرسبرج عاصمة روسيا ، وأقام بها نحو ثلاث سنين من سنة ١٨٨٦ سنة ۱۸۸۹ . لماذا اتجه إلى روسيا ؟ وماذا عمل في هذه المدة ؟ إن معلوماتنا عنه فى هذه الفترة قليلة، وأكبر الظن أنه شغل فيها بشيئين : (1) حال المسلمين الروسيين وعددهم نحو ثلاثين مليوناً ، وكانوا يعاملون في عهد القياصرة . رة معاملة ظالمة جائرة ، فلعله حاول باتصاله برجال الحكم إذ ذاك أن يلطف من ظلمهم ويخفف من جورهم . وقد عرف عنه أنه سعى عند القيصر في طبع المصحف ، وبعض الكتب الدينية لمسلمى الروس، فأذن له في ذلك . (۲) ما كان الروسيا من أثر كبير فى سياسة الشرق ومناهضتها للسياسة الإنجليزية في آسية ، وضغطها الشديد على الدولة العثمانية، والعمل على إتعابها ، وتقطيم أوصالها : ومع هذا التنافس والمخاصمة على الشرق بين إنجلترا وروسيا فإن كثيراً من ، السياسيين يرون أن هذه المنافسة أفادت إنجلترا وفرنسا وإيطاليا أكثر مما أفادت ،