صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/109

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

من أقواله حجة للتدخل الذي طالما حاربه فى « العروة الوثقى » ، وكيف استباح أن يفضح هذه العيوب، ويغسل هذه الأثواب القذرة على مشهد من كل الناس ؟ لقد كان مدحت باشا فى موقف كهذا أنبل من السيد وأكرم ، إذ نفاه عبد الحميد ) ، وأخذه رجاله من دشت الوزارة إلى السفينة ، لا مال ولا ثياب ولا أهل ؛ ومع هذا فما وضع قدمه فى أوربة حتى أخذ يسمى في دفع الشر عن أمنه ، ويتكلم الكلام الكثير في فضل الأتراك على أوربة ، ولا ينطق بكلمة في ذم عبد الحميد الذى عامله معاملة الشاه الجمال الدين. الحق أنها غلطة من غلطات السيد » دعا إليها حدة مزاجه . لقد رجاه سفير فارس أن يكف عن الطعن في الشاه ، وعرض عليه المال الكثير ، فقال : لا ، حتى يلقى الشاه ربه . تجمع عند السلطان عبد الحميد من الأسباب ما حمله على أن يدعو « السيد ) إلى الآستانة ، فهو يخشى أن ينضم إلى حزب تركيا الفتاة ، فيكون قوة كبرى إلى قوتهم ، خصوصاً وقد كان السيد اجتمع في باريس بيبعض رجال هذه الجمعية ، وأطلعوه على خطتهم في إصلاح الدولة العثمانية ، فراقه مذهبهم ، وشجعهم على عملهم ، وسمى جمعيتهم ( الجمعية الصالحة » وبلغ السلطان ذلك عنه . ثم إن الشاه وسط السلطان في كف أذى جمال الدين. لهذا وذاك رجاه السلطان عبد الحميد أن يزور الآستانة فأبى، ثم سلط عليه حيله ومكايده ، ووعده - في تنفيذ آرائه في الإصلاح - ومناه حتى قبل ، وما إن وضع قدمه في الآستانة حتى كان في قفص من ذهب أحكم بابه ، لقد وعده السلطان أن له حرية الخروج من الآستانة إذا شاء ، ولكن كان كل ذلك خُدعة . أمر السلطان عبد الحميد باستقباله استقبالا حسناً ، وأجرى عليه ٧٥ ليرة شهرياً . وأنزله بيتاً ظريفاً فى نيشان طاش ، بالقرب من يلدز ، وجعل تحت أمره