صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/114

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

ماضيه فيرى ما كان منه من جهاد طويل فى تحريك الشعوب الإسلامية ثم لم ينبض لها عرق ، وفى رجال عقد عليهم الأمل ثم غدروا ، وفى شاه خانَ ، وفى جريدة عُطّلت ، وفى سلطان لا أمل فيه، وفى بيئة خانقة . ماذا في يده بعد حياة طويلة قضاها فى الكفاح وفى النفى ، وفى الحبس ، وفى الطرد ، وفى التفكير والتحرير ، وفى إيقاظ العقول النائمة والنفوس الخائرة ؟ لا شيء إلا أنه أسد في حديقة الحيوان ، ينشد حرية نفسه فلا يجدها ، بعد أن كان ينشد حرية الأمم الإسلامية كلها ويأمل أن يجدها . يزوره شكيب أرسلان، ويدور الحديث حول ما روى من أن العرب عبروا المحيط الأطلانطيقي قديماً ، وكشفوا أمريكا ، فيقول السيد : « إن المسلمين أصبحوا كما قال لهم الإنسان : كونوا بني آدم ، أجابوه : إن آباء نا كانوا كذا وكذا . وعاشوا في خيال ما فعل آباؤهم ، غير مفكرين بأن ما كان عليه آباؤهم من الرفعة لا ينفى ما هم عليه من الخمول والضعة. إن الشرقيين كلما أرادوا الاعتذار عما هم فيه من الخمول الحاضر قالوا : أفلا ترون كيف كان آباؤنا ؟ نعم ! قد كان آباؤكم رجالا ولكنكم أنتم أولاء كما أنتم ، فلا يليق بكم أن تتذكروا مفاخر آبانكم إلا أن تفعلوا فعلهم » ؛ « إن المسلمين قد سقطت هممهم ، ونامت عزائمهم ، وماتت خواطرهم ، وقام شيء واحد فيهم هو شهواتهم » ؛ « هذا محمود سامي البارودى عاهدني ثم نگ معى ، وهو أفضل من عرفت من المسلمين ) . ولكن أحياناً تنقشع عنه سحابة اليأس، ويعود إلى أمله في الشرق والمسلمين، ويعود إلى ذكر الداء والدواء ، والأمل فى العلاج ، ككل النفوس البشرية ، تتردد بين الحزن والسرور ، واليأس والأمل ، وكالطبيعة تتردد بين الصحو والقيم ، والإرعاد والإيراق ثم الإشراق . فها هو ذا في رفقة من صحبه يحللون أدواء الشرق ويستوصفونه العلاج ، فيقول