صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/115

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

إن الدواء هو ما يسير عليه الغربيون من العزة والجرى على قول الشاعر العربي : عش عزيزاً أو ميت وأنت كريم». فإذا كان هذا بعيد المنال ، فلا بد من تربية جيل جديد تربية دينية صحيحة، يتولى أمرها أناس يأخذون على أنفسهم عهداً ألا يقرعوا بابا لسلطان، ولا يضعضعهم الحدقان (۱) ، ولا يتنى عزمهم الوعيد ، ولا يغرهم الوعد بالمنصب ، ولا تلهيهم التجارة ولا المكسب، بل يرون في المتاعب وتحمل المسكاره لنجاة الوطن من الاستعباد غاية المغم ، وفى عكسه المغرم. قيل له : وهل هذا في الإمكان ؟ قال : « إن الأزمة تلد الهمة ، ولا يتسع الأمر إلا إذا ضاق ، ولا يظهر فضل الفجر إلا بعد الظلام الحالك - وعلى ما أرى قد أوشك في الشرق أن ينبثق ، فقد ادلهمت فيه ظلمات الخطوب، وليس بعد هذا الضيق إلا الفرج ، منة الله في خلقه » . ثم استطرد فى المجلس إلى بيان الخطر مما تستعمله بعض الأمم الأجنبية في الشرق من إضعاف اللغة القومية وقتل التعليم القومى ، والتنفير من آداب الأمم الشرقية ، لتحل محلها لغتها وآدابها مع أنه لا جامعة لقوم لا لسان لهم ، ولا لسان ال لقوم لا آداب لهم ، ولا عز لقوم لا تاريخ لهم ، ولا تاريخ لهم إذا لم يقم منهم من یخی آثار رجال تاريخهم ، فيعمل عملهم وينسج على منوالهم » . وكانت محاضراته في مجالسه تدور حول موضوعات هامة تخلقها المناسبة ، كلها ترمى إلى الإصلاح في العقيدة وفى الاجتماع وفي اللغة. وبين حين وآخر تثار حفيظة (٢) السلطان عليه بما يدبره أبو الهدى الصيادى وصحبه، فيزور الآستانة - مثلا - الخديو عباس ويريد مقابلة جمال الدين ، ولا يكون هذا إلا بإذن ، فيرفض السلطان ويأمر جمال الدين ألا يقابله ، فيقول الرسول الخديو : « إنى كضيف للسلطان أسير (1) الحدثان : نوائب الدهر وتصاريفه ... (۲) الحفيظة : الغضب