صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/120

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

-1-4- الخوف ... فكن فيلسوفاً يرى العالم ألعوبة ، ولا تكن صبيا هَلُوها » . ولعل هذا آخر ما كان بينهما من تواصل وما كان بالشيخ محمد عبده من جبن ، ولكن الجسم الملتهب يشعر بالجسم للمعتدل بارداً ، وقد كتب السيد جوابه هذا وقد ملكته الحدة ، وكم ملكته ! على كل حال اختط الشيخ محمد عبده لنفسه خطة اقتنع بها كل الاقتناع ، وهى رفع أحد العلمين دون الثاني، فأخلص لمبدئه، وبذل في ذلك جهده وصحته وعقله وماله ، واتجه إلى كل نواحى الثقافة يغذيها وينميها ويصلح بقدر ما يستطيع إنسان أن يعمل . أما الذين رفعوا العلم الآخر - علم مناهضة الحكم الأجنبى - فهم عبد الله نديم ، ثم مصطفى كامل وفريد ، ثم سعد زغلول ؛ فساروا على مثل دعوة السيد جمال الدين مستخدمين ما استجد من أساليب، وما استعمله الغرب من وسائل. هذا في مصر ومثله فى سائر أقطار الشرق ، من زعماء حملوا لواء الإصلاح الثقافى ، وزعماء حملوا اللواء السياسي مما يطول ذكره ؛ وقد نعرض - فيما نكتب بعد - لبعضه . ولو انقبه ( السيد » اليوم من رقدته الحمد من الشرق سيرته ، وإن كان أكبر الظن أنه يحتد عليه لبطنه ؛ فقد كان - رحمه الله - حارا حاد المزاج لا يرضيه من الإصلاح السير على الأقدام ولا ركوب القطارات ، بل لا يرضيه بعض الرضا إلا ركوب الطائرات وحرب الدبابات . يقول الشيخ محمد عبده فى وصفه : « إنه طموح إلى مقصده السياسي ، إذا لاحت له بارقة منه تعجل للمسير للوصول إليه ؛ وكثيراً ما كان التعجل علة الحرمان ... وهو شجاع مقدام لا يهاب الموت كأنه لا يعرفه ، إلا أنه حديد (1) المزاج ؛ وكثيراً ما هدمت الحدة ما رفعته الفطنة » . (1) حديد : فيه حدة ، أى شدة واهتياج.