صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/121

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

ثم كان أشبه الناس فى سياسته بعلى لا بمعاوية ، كانت سياسة معاوية عنوانها : د إنا لا نصل إلى الحق إلا بالخوض في كثير من الباطل » . أما «على» فلا يريد الخوض فى الباطل ليصل إلى الحق، بل لا يريد إلا الحق من طريق الحق ، وإلا فلا كان. وهكذا كان جمال الدين . قال الشيخ محمد عبده : (

« ماذا كان يضر

السيد لو مهد لإصلاحه - وهو في الآستانة - بالسعي عند السلطان في إعطاء أبي الهدى الصيادى خمسمائة جنيه ونيشاناً لابنه أو لأخيه ، فإذا رأى أبو الهدى أن «السيد» يخدمه فإما أن يواتيه ، وإما ألا يناويه ) ولكن أنى للسيد أن يطلب هذا الباطل وهو يعتقد أن أبا الهدى سافل دنى. إذا طلب له شيئاً فالشنق ؟ ولما كان السيد يحكى لخاصته إقناعه للسلطان بأن حادثة الخديو عباس دسيسة ، وأن السلطان اقتنع بذلك ، وأخبره أن هذا من دسائس أبى الهدى ، قال له عبد الله نديم : ليتك عندما صرح السلطان بذلك ذكرت له دسائسه وضرره . فغضب عند ذلك جمال الدين ، وقال : « أعوذ بالله أن أكون من المنافقين ، أو أن أفعل ما أنكره على الغير، أو أن أكون همازاً مَشَاء بَنَيم (۳) ) . وهكذا يريد الحق غاية ، ويريد الحق وسيلة ؛ والدنيا علمتنا أن سياسة معاوية هي التي نجحت ، وأن سياسة الدنيا تقوم على المصالحة وأخذ شيء بترك شيء . فمن أراد الحق كاملا وإلا فلا ، فلينشد ذلك في المثل الأعلى للخلق لا في السياسة ، أو فلينتظر حتى تخضع السياسة للخلق .

بقيت مسألة هامة فى تاريخ السيد ، وهى اتهامه بالإلحاد - وقد أشرنا إليها من قبل . ولرى السيد بالإلحاد تاريخ طويل ، فقد رمى به في الآستانة (1) يناويه : يناوله ، أي : يعاديه . (۲) مماز : يغمر ويعيب . مشاء بنميم: يسعى بالوشاية ويشيع المعايب .