صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/123

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

بطلانها ؛ فلعل سامعاً سمع . منه هذا القول فى مثل هذا الموقف فنسبه إليه ؛ وقال : إنه لم يسمع من السيد هذا الكلام، وإنما تلقاه عن بعض المصريين والسوريين . ونقل كلاماً للسيد اطلع عليه فى وجوب الدين، وضرورة الاعتقاد بالألوهية ، ومزايا الإسلام ؛ وختم مقاله بقوله : « إننا سارعنا لإذاعة هذا ، شأن المؤرخ العادل ، وقياماً بحق الأدب، وضنا بفضل هذا الرجل الخير من أن تناله ألسنة من لا يعرفونه خطأ وافتراء . والله يتولى الصادقين » . ثم رأينا ما اتهمه به رينان » بعد ما جالسه في باريس فكتب كلمته التي ذكرناها من قبل ، وهذا أدق موقف ؛ فرينان فيلسوف واسع الذهن دقيق التعبير ، لا يلقى الكلام على عواهنه، خصوصاً وقد ورد في ردّ السيد جمال الدين عليه ما يفيد أنه سلم المسيو رينان بأن الإسلام كان عقبة فى سبيل العلم . ولكن في رأيي أن السيد عبر تعبيراً غير دقيق في تفرقته بين طبيعة الدين الإسلامي وسيرة المسامين، خصوصاً أنه أخذ على رينان تقصيره في أنه لم يبحث هل هذا الشر نشأ عن الديانة الإسلامية نفسها ، أو عن الصورة التي تصور بها الإسلام ، أو عن أخلاق بعض الشعوب التى اعتنقت الإسلام ؟ وقراءتنا لرده تشعرنا بأنه وقع فى هذا اللبس ، وأنه كان يدور حول فكرة أن للدين دائرة ، والعلم دائرة ، ويجب أن يسبح كل فى دائرته من غير طغيان ، وأن الدين يجب ألا يعارض العلم فيما ثبتت صحته علمياً - وهذه الآراء الواضحة في ذهننا الآن ، والواضحة في تعبيرنا ، لم ترد واضحة في رده، فكان رداً مهوشاً ، كما كانت محاضرة رينان نفسها كذلك . وليس من شك فى أن السيد كان حر التفكير قوياً على الجدل ، منشعب طرائق الحجج، فمن الممكن جدا أن يكون فى مجالسه مع رينان تبحبح (۱) تبحبح : توسع وتبسط . (1)