صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/124

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

في بعض الأقوال التى من هذا القبيل ، والتى تحدث لكثير من كبار المفكرين في بعض اللحظات ، فحكم رينان عليه هذا الحكم الشامل خطاً . ثم كان « السيد » ، كما يحكى عنه الشيخ محمد عبده و بعض خاصته ، متصوفا يدين بعقيدة المتصوفة ، وهى مبهمة غامضة تنتهى بوحدة الوجود ، والتعبير عنها قد يلتبس - إلا على الخاصة - بالإلحاد، ومن أجل هذا رمى محيى الدين بن العربي وأمثاله بالكفر لعدم الدقة فى وزن الأقوال . . إن حياة «السيد» مملوءة بالدعوة الحارة إلى الدين ، وإلى التوحيد، في كتاباته في « الرد على الدهريين ) وفى العروة الوثقى، وفى مجالسه الخاصة يذكر بعض خاصته أنه سمع رجلا كبيراً تكلم كلمة في حق النبي . فأمر السيد » من معه من الأفغانيين بضربه ، فضر بوه حتى خرج يزحف وحكى المخزومى مجلساً شهده، إذزار رجل جمال الدين في بيته في الآستانة وجرى الحديث فقال هذا الرجل : « إلى قرأت كتب الفلاسفة فثبت لي أن الله a غير موجود ولا يعتقد به إلا حيوان » . فضاق صدر السيد ولم يجبه ، ودعا الحاضرين إلى حديقة البيت وكان فيها أنواع من الطيور والدجاج ، فتصالحت الديكة وغردت الطيور ، فقال السيد : كيف لا يفضل أضف حيوان أعجم يذكر الله إنساناً ناطقاً ينكر وجود الله ؟! كيف يجرؤ على إنكار واجب الوجود من يأكله الدود ؟! إذا لم يتعظ الإنسان بما فوقه من أجرام فليتعظ بما تحته من رفات الأجسام ! ) فخرج الرجل الملحد خجلا من غير أن يُوَدِّع لا يمكن أن تصدر هذه الكتابات وهذه الأقوال وهذه الغيرة من ملحد ، إلا أن يكون قد بلغ الغاية فى التصنع والنفاق . ولم يكن عيب جمال الدين نفاقه ، إنما كان عيبه إفراط فى صراحته وعدم استطاعته كتمان ما يعتقد ، ويقول : و لا يكون الكمال النسبى فى البشر إلا متى كثر إعلانهم وقل كتمانهم».