صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/127

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- ١١٥ - سنة مألوفة فى الكون ، لا يأتى مصلح سابق الزمنه إلا رمى بالزندقة أو الكفر أو الجنون ، ثم أوذى ممن يسعى فى الخير لهم ، وممن يضحي بسعادته لسعادتهم؛ ولا يقدر حق قدره إلا بعد أن يهدأ الحسد بموته ، وتتجلى صحة دعوته بعد زمنه .

لقد قصدت الآستانة سنة ۱۹۲۸ بعد وفاته بإحدى وثلاثين سنة ، فرأيت واجباً أن أزور قبر هذا الرجل العظيم ، وأستعيد عنده ذكرى عظمته وسلسلة أعماله ، فسألت عنه الكثير فلم يعرفه، ورأيت رجلا أفغانيا يعمل خازناً لمكتبة الشهيد على ، فوصف مكانه لى ، فذهبت مع صديقي « العبادي » عصر يوم الأحد ٨ يوليه إلى « ماجقة » أو « منشكة » ، فوجدت في ربوة على مدخل D البوسفور مقبرة قد انتثرت فيها المدافن ، ودلنا شيخ المقبرة على مدفن السيد ، فعلمنا أن قبره كان قد تَشَعَت ولم يمن به أحد ، وكادت تضيع معالمه ولم يفكر فيه أحد من أهل الشرق الذين أفنى فيهم حياته ، إنما ذكره مستشرق أمريكي حضر إلى الآستانة سنة ۱۹۲٦ ونقب عن قبره حتى وجده ، فبنى عليه تركيبة جميلة من الرخام ، وأحاطها بسور من حديد، وكتب على أحد وجوه التركيبة اسم السيد وتاريخ ولادته ووفاته ، وفى وجه آخر كتابة تركية ترجمت لنا كما يأتي: أنشأ هذا المزار الصديق الحميم للمسلمين في أنحاء العالم الخير الأمريكاني المستر شارلس كرين سنة ١٩٢٦ ٢ . وقفنا على قبره، وقلت : هنا رقد محيى النفوس، ومحرر العقول ، ومحرك القلوب وباعث الشعوب ، ومزلزل العروش ، ومن كانت السلاطين تغار من عظمته ، وتخشى من لسانه وسطوته ، والدول ذات الجنود والبنود (۱) تخاف من حركته ، والمالك الواسعة الحرية تضيق نفساً بحريته. (۱) البنود : الرايات