صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/129

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- ۱۱۷ - ولما استدعاه السلطان عبد الحميد إلى الآستانة سنة ١٨٩٢ ووصل إليها ، كان في انتظاره الياور السلطاني ، فسأله : أين صناديقك أيها السيد ؟ فقال : ليس معى غير صناديق الثياب وصناديق الكتب . فقال الياور : حسناً ! أين هي ؟ فقال السيد : صناديق الكتب هنا ) وأشار إلى صدره ) ، وصناديق الثياب هنا ) وأشار إلى جبته ) . وقد قال : «كنت أول عهدى استصحب جُبَّة ثانية ، ولكن لما توالى النفى صرت أستثقل الجبة الثانية ، فأترك التى على إلى أن تخلق ) فأستبدل بها غيرها » . وكان يجالس السلطان عبد الحميد كثيراً ، فسئل عن رأيه فيه ، فقال : « إن السلطان عبد الحميد لو وزن بأربعة من نوابغ رجال العصر لرجحهم : ذكاء ودهاء وسياسة، خصوصاً في تسخير جليسه ... ولا عجب إذا رأيناه يذلل ما يقام في ملكه من الصعاب من دول الغرب ، ويخرج المناوى له من حضرته راضياً عنه وعن سيرته ، مقتنعاً بحجته ، سواء فى ذلك الملك والأمير والوزير والسفير . ولكن يا للأسف عيب الكبير كبير ، والجبن من أكبر عيوبه » . وعرض عليه السلطان عبد الحميد منصب مشيخة الإسلام ، فأبى إلا أن يعمل عمل أساسى يتغير به النظام الحاضر ، وقال : « إن وظيفة العالم ليست بمنصب ذى راتب ، بل بصحيح الإرشاد والتعليم ، ورتبته ما يُحسن من العلوم مع | حسن العمل بالعلم ) . وعاش جمال الدين عزباً طول حياته ، وكان كلما شكا له أحد كثرة العيال وقلة ذات اليد يعينه على قدر استطاعته ، فعرض عليه السلطان يوماً أن يزوجه جارية حسناء من قصر يلدز ، فامتنع السيد من ذلك ، فسئل : هل تؤيد رأى أبى العلاء: هذا جناه أبي عل ى وما جنيت على أحد (۱) تخلق : تبلى .