صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/131

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

قيل له : وهل يجميع العالم المتمدن كله على مثل هذا الخطأ ؟ فقال : وما العالم المتمدن ؟ هل رأينا غير مدن كبيرة وأبنية شامخة وقصور مزخرفة ينسج فيها القطن والحرير بأصباغ كيمياوية مختلفة ألوانها ، ومعادن ومناجم ، واحتكار تجارات أنت لهم بروات؛ ثم هل غير التفنن في اختراع المدافع المروعة والمدمرات والقذائف وباقى المخربات القاتلات للإنسان ، تتبارى فيها تلك الأمم الراقية المتمدنة اليوم ؟ لو جمعنا كل تلك المكتسبات العلمية ، وما في مدنيات تلك الأمم من خير، وضعناه أضعافاً مضاعفة ووضعناه فى كفة ميزان ، ووضعنا في الأخرى الحروب وويلاتها ، لكانت كفة العلوم والمدنية والتمدن هي التي تنحط وتغور، فالرقى والعلم والتمدن على ذلك النحو إن هو إلا جهل محض ، وهمجية صرفة ، وغاية التوحش ؛ فالإنسان في ذلك أحط من الحيوان . هل سمعت أن ثلثمائة ألف أفعى وقفت تجاهها مثلها وتقلبت بينها الأنياب وقاتل بعضها بعضاً ؟ أو هل وقفت الأسود صفوفاً وتناهشت لحومها وسالت دماؤها ؟ فليس ثمة مدنية ولا علم ، ولكن جهل وتوحش . والسيد جمال الدين كلمات حكيمة كان يقولها في مناسباتها . كان إذا أقسم قال : « وعزة الحق وسر العدل » - الحقائق لا تزول بالأوهام - من سَفَه الرأى أن يعتقد الرجل أفضليته على الغير بالعمر والمشيب فقط - الفخر بالقول المجرد يبطله المجد بالفعل - لا يؤمن بربوبية القوة إلا شبح الضعف - الأكفاء فى العصر لا يكونون على الغالب أصدقاء - تطويل المقدمات دليل على سلّم النتائج - من رهب الملوك لغير جريرة فهو الصعلوك - صاحب الحاجة إذا لم ينطق بحاجته أولى بالخرس - ألف قول