صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/165

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٤٧ –

-1ЄV- الرقيق بالآستانة ، فاشتراه تحسين بك ، وهذا باعه إلى أحد وكلاء باي تونس (1) الذي أنقذه لشراء السراري والعبيد . مأساة تبعث الأسى والحزن العميق ، قد حرمته أن يتذوق عطف أبيه وأمه، وينعم بحريته ، وهى لا يعوضها شيء في الوجود ، حتى لو نعم في قصر تحسين بك أو قصر باى تونس ، فما هذا النعيم ؟ . وبيت تخفق الأرواح فيه أحب إلى من قصر منيف (۱) وكل أكل فاخر وملبس باهر ونعيم باذخ لا يساوى شيئاً بجانب نظرة ينظرها تحسين وأهله ، و باى تونس وبلاطه ، إلى هذا الفتى على أنه رقيق اشترى بدنانير معدودة . كان هذا كل ما وصل إلى علمه عن طريق اليقين ، ورجح عنده فيما بعد أن له أخاً فى مصر يشغل منصباً كبيراً فى الدولة المصرية ، ويمتلك ثروة طائلة ، فأبت على خير الدين كرامته وإباؤه وظنونه - وما قد يعقب ذلك من تفسيرات تؤله - أن يكاتبه ويخبره ، وفضَّل أن يحتفظ بذلك السر لنفسه وأقرب الناس إليه .

ومن قديم عُرِف الشراكسة فى العالم الإسلامي . وهم قبائل بدوية تسكن البقعة الشمالية الغربية من بحر قزوين وجزءاً من ساحل البحر الأسود ، وكان عددهم كبيراً ، فلما احتلت روسيا أخيراً بلادهم تفرق كثير منهم في تركيا وآسية الصغرى ، وقد انتشر الإسلام بينهم وكاد يعمهم من نحو ثلاثة قرون وفى الشراكسة فضائل البداوة من الشجاعة والكرم ، ويمتازون بالنظافة (1) السراري : الإماء يتخذن في البيوت. (۲) الأرواح : الرياح .