صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/168

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٥٠ –

عليها ، واختل الميزان التجارى فكثر الوارد وقل الصادر ، وتغلب الفرنسيون والإيطاليون على الشوق وأمسكوا بزمامه .. غلاتهم وكان مما أضعف التجارة سوء أدوات النقل وفساد الطرق ، فهم ينقلون على الإبل والخيل والبغال ونوع من العربات البدائية ، وتنقل القبائل البدوية غلاتها في قوافل ، فإذا كان الشتاء وأمطرت السماء تشعشت الطرق فتعطلت الحركة . وأما إدارة البلاد ففوضى أى فوضى ؛ الحاكم حاكم بأمره ، وأحب الناس إليه من يجمع له المال من حلّه وحرامه ، ولا ضبط في دخل ولا خرج ، والعدل والظلم متروكان للمصادفات ، فإن تولى بعض الأمور عادل عدل ، وكان العدل موقوتاً بحياته - وقلما يكون ونظام القضاء والجيش والإدارة والضرائب وجباية المال وإنفاقه على النمط العتيق البالى ، وكثير من الأمور تنفذ بالأوامر الشفوية ، لا مرجع لها ولا يمكن الحساب عليها . 1 وكانت تونس إذ ذاك تحت حكم البايات ، والباي في تونس لقب كالخديو في مصر، وكان الباى يتبع الدولة العثمانية تبعية ضعيفة، فيساعدها في حروبها ويحمل إليها مقداراً من المال وكثيراً من الهدايا ، وإذا حدث مشكل دولى في تونس تدخلت الدولة العثمانية لفض النزاع ، وأرسلت مند و با من قبلها ليشرف على الحل. أما فيما عدا هذا فولاية تونس شبه مستقلة ، والباى حر التصرف . ولكن فرنسا كانت قد استولت على جارتها ( الجزائر، ووضعت نُصْبَ عينيها إضعاف علاقة تونس بالدولة العثمانية شيئاً فشيئاً ، وتوثيق علاقاتها هي بها شيئاً فشيئاً ، وانتهاز الفرص للتغلب عليها نهائياً . وکان بای تونس الذى ملك خير الدين هو الباى أحمد باشا الذي كان والياً من ( ١٢٥٣ - ۱۳۷۱ هـ ) وقد أنعم عليه السلطان محمود بالخامة السنية ورتبة