صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/169

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٥١ –

- 101 - أشيريَّةٌ . ونحن نعلم أن السلطان محموداً هذا قد ألجأته الظروف القاسية وضغط أوربة ومطالبها وضعف حال دولته الداخلية ، إلى أن يجتهد في تنظيم الدولة على أسس جديدة يقتبس فيها من نظم أوربة وقوانينها وإداراتها . وكان مما فعل أن أرسل إلى الباى أحمد هذا يطلب إليه أن يُدخل الأنظمة الحديثة في تونس وخاصة في الجيش ، فطلب الباى الإمهال قليلا والتدرج في التغيير بسبب عادات البلاد وتقاليدها وعقليتها ، ثم أخذ فعلا في تنظيم الجيش .

في هذه البيئة كلها التي وصفناها وصفاً موجزاً جداً وضع الشاب خير الدين قدمه في تونس . -- تربى في قصر الباى أحمد - وكان من حسنات الباى أن اهتم بتعليمه ليعده رجلاً من رجاله ، والتعليم كله فى تونس كان مصبوعاً بالصبغة الدينية ، فكان البرنامج الذى أعد له أن يتعلم القراءة والكتابة ، ويحفظ ما استطاع من القرآن ويجودَهُ (۱) وشيئاً من الفقه والتوحيد ؛ فتقدم في كل ما تعلمه ، وأخذ هو بعد ذلك يتوسع في العلوم الشرعية بمخالطة العلماء والاستفادة منهم ، وفى علوم اللغة والمرانة على الكتابة ومطالعة كتب التاريخ . وعرف في بيئته بالتدين ومحافظته على أداء الشعائر وتوقير الشريعة ورجالها ، وإلى ذلك نزع إلى تعلم الفرنسية فأحسن تعلمها ، فكان يجيد العربية والفرنسية والتركية . وحدث أن الدولة العثمانية كانت قد اتجهت إلى تنظيم شؤونها وخاصةً جيوشها (۱) يجوده : يتلوه على أصول علم التجويد ، و به تعرف مخارج الحروف والــــد وما إلى ذلك .