صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/17

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– –

- 11 - " عليه ، وواضع قوانينه التي يسير عليها ، والمشرع له ، وليس في الخلق من يشاركه في خلقه ولا في حكمه ، ولا من يعينه على تصريف أموره ؛ لأنه تعالى ليس في حاجة إلى عون أحد مهما كان من المقربين إليه ؛ هو الذي بيده الحكم وحده، وهو الذي بيده النفع والضر وحده لا شريك له ؛ فمنى لا إله إلا الله : ليس في الوجود ذو سلطة حقيقية تسير العالم وفقاً لما وضع من قوانين إلا هو، وليس في الوجود من يستحق العبادة والتعظيم إلا هو، وهذا هو محور القرآن : « قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله . فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) . إذن فما بال العالم الإسلامى اليوم يعدل عن هذا التوحيد المطلق الخالص من كل شائبة إلى أن يشرك مع الله كثيراً من خلقه ؟ فهذه الأولياء يحج إليها . وتقدم لها النذور. ويُعتقد أنها قادرة على النفع والضر؛ وهذه الأضرحة لا عداد لها ، تقام في جميع أقطاره، يشدّ الناس إليها رحالهم ، ويتمسحون بها ، و يتذللون لها ، ويطلبون منها جلب الخير لهم ودفع الشر عنهم ؛ ففي كل بلدة ولى أو أولياء ، وفى كل بلدة ضريح أو أضرحة تشرك مع الله تعالى في تصريف الأمور ودفع الأذى. وجلب الخير. كأن الله سلطان من سلاطين الدنيا الغاشمين ، يتقرب إليه بذوى الجاه عنده وأهل الزلفى (١) لديه ، ويُرجون في إفساد القوانين وإبطال العدل ؛ أليس هذا كما كان يقول مشركو العرب: «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) وقولهم : هؤلاء شفعاؤنا عند ) الله ؟ ! بل واأسفاه ! لم يكتف المسلمون بذلك، بل أشركوا مع الله حتى النبات والجماد ؛ فهؤلاء أهل بلدة ( منفوحة » باليمامة يعتقدون في نخلة هناك أن لها قدرة (1) الزلفى : التقرب .