صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/172

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٥٤ –

102- فهربا أموالهما إلى فرنسا ، وادعى ابن عياد المرض وزعم أنه مسافر إلى باريس للتداوى ، فلما وصل إليها أعلن عدم المودة ، وطلب أن يتجنس بالجنسية الفرنسية فأجيب إلى طلبه . ومع هذا كله فقد بلغ من فجوره أن ادعى على الحكومة التونسية أن له مبالغ طائلة قبلها ( ٦٠ مليون قرش تونسى = ٤٠ مليون فرنك ) نظير مشتريات اشتراها لها لم تدفع ثمنها ، وأخذت المسألة دوراً خطيراً ، إذ أصبح المدعى فرنسي الجنسية تحميه حكومة فرنسا وتطالب بحقوقه .. هنا أتجه الباي أحمد إلى خير الدين ليذهب إلى باريس ، ويخاصم ابن عياد ويبين فساد زعمه ويثبت أن عليه - لا له - ديوناً يطالبه بها ، وكانت قضية هامة لو حكم فيها لابن عياد لوقعت تونس في الإفلاس ، وزاد من خطرها ما كان تحت يده من مكاتبات ومستندات رسمية دبرها هذا الماكر تدبيراً محكما . وظلت هذه القضية في باريس أكثر من ثلاث سنوات من سنة ١٢٦٩ - ۱۲۷۳ ه ، وخير الدين فيها يرافع ويدافع ، وابن عياد يملا فرنسا دويا ، ويساعده على ذلك ما ينفقه عن سعة ، ويشترى الدور والأملاك في فرنسا ؛ وعلى خير الدين أن يقاوم كل هذا . وأخيراً كلفت لجنة القضايا بوزارة الخارجية الفرنسية دراسة هذا الخلاف ورفع تقرير عنه ، وشكلت لجنة تحكيم يرأسها الإمبراطور نابليون الثالث، وأصدرت حكمها وهو يقضى بتخفيض مطالب ابن عياد من ستين مليون قرش إلى خمسة ملايين، كما ألزمته بأن يدفع للحكومة التونسية ١٤ مليون قرش في ذمته لها ، وبدفع مبالغ أخرى ، فكان مكسيب تونس من هذه القضية نحو ٢٤ مليون فرنك ، وفوق ذلك قام خير الدين فى هذه السفرة بأعمال أخرى ، أهمها أنه لما حدثت حرب القرم ۱۲۷۰ هـ ١٨٥٣م أرسل الباى أحمد لمساعدة الدولة العثمانية