صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/173

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٥٥ –

100- ١٤ ألف جندى بأدواتهم الحربية وأسطولا من سبع قطع ، وهذا أثقل كاهل تونس ، فأرسل الباى إلى خير الدين بباريس مجوهرات لبيعها ، وفوضه في أمر ثمنها ، فلم يقبل خير الدين هذا التفويض ، وظل يراجع الباى فيها يعرض من ثمن ، حتى أنكر عليه كثرة الاستشارة وأمره بالبيع فوراً فباع . ولم يكف ثمن هذه المجوهرات ، فكلفه الباى أن يعقد قرضاً من فرنسا ؛ وكانت هذه مسألة خطيرة لم يستطع ضمير خير الدين أن يحتملها ، ولا سيما أن الباى قد أصيب بالشلل وقربت منيته ، فماطل وماطل ، وأخذ يبعث بالاستفهام تلو الاستفهام حتى مات الباى ولم يتم عقد القرض ، فكانت محمدة من محامده ذكرها له أهل تونس والباى الجديد المشير محمد باشا ، وأنعم عليه برتبة فريق سنة ١٢٧٣ . أفاده بقاؤه في باريس هذه المدة اطلاعاً على الدنيا الجديدة ومعرفة بنظمها و احتكاكا برجال السياسة وفهما لأغراضهم ، ووضع عينه على أسباب رقى الأمم وقارن بينها و بين تونس، لم تأخرت وكيف ترتقى ، مما كان له أثر كبير في حياته المستقبلة ، كما أفادته علو شأنه فى أمته وثقتها به وأملها فيه . ومما يؤسف له أنه بعد هذه الفضائح كلها بقي مصطفى خزنة دار المغتصب الكبير وصهر خير الدين في منصبه في الوزارة . عاد خير الدين إلى تونس فعينه الباى محمد باشا وزيراً للحربية سنة ١٢٧٣ ، وظل في هذا المنصب إلى سنة ۱۲۷۹ ؛ وفى هذه الفترة قام بإصلاحات كثيرة ، فأصلح ميناء حلق الوادى » وهو أعظم ميناء لتونس ، وأمر بأن يقيد كل شيء يعمل في وزارته ، وكان هذا النظام أول ما أدخل في تونس . وأنشأ مصنعاً بخارياً لبناء السفن وإصلاحها ، ووسع الطرق ونظمها . ولكن أهم من ذلك كله أن الدولة العثمانية وولايتها التابعة لها والمرتبطة بها - ومنها تونس - مالت إلى اقتباس النظام النيابي تحت تأثير الضغط الأوربي وظهور فساد