صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/174

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٥٦ –

-10%- الحكم الاستبدادي ، وميل خواص الشعوب الشرقية إلى إصلاح الحال وإدخال النظم الحديثة - فكان خير الدين العقل المنظم لهذه الحركة ومن له النصيب الأكبر في وضع القوانين لمجلس شورى منتخب . وصدر الأمر به سنة ۱۲۷۷ وانتخب أعضاء المجلس ، وكان خير الدين الرئيس الفعلى له بجانب وزارته للحربية . ولكن هذا المجلس اصطدم بطائفتين لهما خطرهما : فرجال الدين لم يرضوا عنه ، لأن بعض أحكام القانون سياسية لا شرعية ، ولأن القانون يقضى بالحكم بالأغلبية وقد ترى الأغلبية ما لا يرتضى الدين. وأصحاب السلطان وعلى رأسهم الوالى ومصطفى خزنة دار لم يرضوا عنه في باطن نفوسهم ، لأنه يسلبهم سلطانهم، فأراد خير الدين أن يكون السلطان الحق للمجلس ، وأرادا أن يكون المجلس ستاراً شرعياً لتصرفهما وأداة طبيعة لتنفيذ أغراضهما . أراده حقية وأراداه لعبة . أراد من كل عضو أن يقول ما يعتقد في صدق وإخلاص وجرأة ، وأرادا من كل عضو أن يتحسس رأيهما فيمبر عنه ، فكان النزاع وكان الخصام . عرض على المجلس رغبة شركة فرنسية بأن تقوم بمد ماء زغوان إلى قرطاجنة تم توصيله إلى المرسى والحاضرة ، وفى هذا المشروع فوائد ومضار . وتجادل الأعضاء فيه ، منهم من يحبذه لفوائده ، وبعضهم يرفضه خوفاً من تغلغل النفوذ الفرنسي ، و يرغبون أن يدبروا الأمر لتقوم بالمشروع الحكومة التونسية نفسها، واشتد الجدل ومالت الأغلبية إلى الرفض، وهنا قال الوالي : لقد وعدت قنصل فرنسا وعداً قاطعاً بالموافقة على المشروع . فكان خير الدين جريئاً إذ قال : فلم جمعتنا إذا لتأخذ رأينا ، وكان يكفى سماع هذا الخبر من سيادتكم ؟ . وأرادوا أن يُصْرَف فاضل الأوقاف على الإصلاحات العسكرية، واستندوا إلى فتوى من أحد العلماء المالكية، فعارض خير الدين في هذا وأوضح وجهة