صفحة:زعماء الإصلاح في العصر الحديث (1948) - أحمد أمين.pdf/176

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
– ١٥٨ –

-100- إزاء المطامع الأجنبية دقيق ؛ لهذا كله اعتزل وسالم ، ونقض يده من العمل الرسمى مع الإلحاح عليه فى العودة، ولكنه لم يقطع علاقاته الشخصية بالباى والوزير، واستمر على هذه الحال تسع سنوات حَفَلَتْ بأمرين جديدين بالذكر : الأول سفره سفيراً من الباى إلى ألمانيا وفرنسا وإنجلترا وإيطاليا والنمسا والسويد وهولندا والدانمارك و بلجيكا فى مهمة خاصة ، فمكنته هذه ورحلته السابقة كما يقول - من دراسة الأسس التى قامت عليها المدنية الغربية وبنت عليها الأم الكبرى قوتها ونفوذها . والثانى تأليفه كتاب « أقوم المسالك ، في معرفة أحوال الممالك » . عكف خير الدين أثناء اعتزاله الوزارة على وضع كتاب سماه « أقوم المسالك ، في معرفة أحوال المالك» وسميت ترجمته الفرنسية و الإصلاحات الضرورية للدول الإسلامية ، وكان في ذهنه عند تأليفه أن يحذو حذو تاريخ ابن خلدون ، يؤلفه بروح العصر ، ومطالب العصر ؛ فاشتمل أيضاً على مقدمة وتاريخ . فأما المقدمة فقد أراد منها البحث فى حالة البلاد الإسلامية وأسباب انحطاطها بعد ازدهارها ، وكيفية إصلاحها . وأما التاريخ فقد عرض فيه حال المالك الأوربية لا من ناحية تعاقب ملوكها وتسلسل حروبها ، ولكن من ناحية وصف كل دولة في إدارتها وجيوشها ونظام الحكم فيها ، وماليتها وكيفية ضبطها ، وقوتها البرية والبحرية . وقد وصف - على هذا المنوال - الدولة العثمانية وفرنسا وإنجلترا وروسيا وألمانيا وإيطاليا وأسبانيا والبورتغال وهولندا والدانمارك و بلجيكا وسويسرة واليونان ، ثم وصف جغرافية أوربة الطبيعية إلخ ، وكان أهم ما يقصد من ذلك أن يضع أمام القارئ